مبروك لـ«الطاووس»

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين
مـارلين سلـوم
ليست مفهومة الضجة التي أثيرت حول مسلسل «الطاووس». سمعنا أصواتاً تطالب بوقفه باعتباره مُخلاً بالآداب؛ لأنه يتضمن ألفاظاً ومشاهد مسيئة، لكننا فعلياً لم نر ولم نسمع الألفاظ التي يتحدثون عنها، وليس هناك سوى مشهد اغتصاب البطلة أمنية الذي تؤديه سهر الصايغ، من مجموعة من الشباب. المشهد حساس بلاشك، يعتبر اختباراً للمخرج وبراعته في كيفية تقديمه دون أن يخدش الحياء ولا يؤذي المشاهدين، خصوصاً أن الدراما تدخل البيوت وتشاهدها عائلات.
المشهد الذي أثير حوله الجدل لا يستدعي كل هذه الضجة وحملات المطالبة بإيقاف عرض المسلسل بكامله كعقاب لصناعه، وكلنا نعلم أنه ما من عمل يسمح له بالظهور على القنوات التلفزيونية إلا بعد عرضه على الجهات الرقابية، ومشهد من هذا النوع يستحيل أن تكون قد أغفلته أو تغاضت عنه عين الرقيب، لو أن به ما يمس القيم الأخلاقية والاجتماعية، كما يقول المعترضون. لذا نسأل: «ما الذي يحصل وماذا خلف محاولة منع العمل من الظهور على الشاشة؟».
بعض الإجابات يكون واضحاً ولا حاجة لذكره، ولا يهمنا معرفة نوايا المعترضين والمحرضين على وقف المسلسل سواء كان بسبب إيقاظه قضية اغتصاب «فتاة الفيرمونت» من جديد والمتهمون فيها أبناء عائلات معروفة في عالم المال، أو لأي أسباب أخرى. المهم أن «الطاووس» انتصر، والفن انتصر، بعدما حفظ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الشكاوى المقدمة ضد المسلسل، إثر التحقيق مع المسؤولين عن إنتاجه، والتأكد من حصولهم على الموافقات اللازمة من الرقابة على المصنفات الفنية.
قرار عدم منع عرض المسلسل جاء في محله وفي وقته، ويؤكد أن ما حصل شكل دعاية ضخمة للعمل، وجعل الناس يبحثون عنه وعن مخرجه رؤوف عبد العزيز ومؤلفه كريم الدليل وأبطاله المميزين سميحة أيوب، وجمال سليمان، وسهر الصايغ وأحمد فؤاد سليم.
وأكثر ما لفتنا في هذه الأزمة، هو سرعة تفاعل الفنانين مع زملائهم مطلقين هاشتاج باسم «الطاووس»، معترضين على محاولة إيقافه.
وقفة الفنانين ومعهم الجمهور تصدت بقوة لقرار منع المسلسل، شكلت حائط صد أسهم بلا شك، في دعم العمل ومنع كل من تسول له نفسه التطاول على الدراما وأهلها وصناعها بفرض كلمته وحجب الإبداع والتدخل في ما لا يعنيه، بحجة «الحفاظ على المجتمع».
مبروك لـ«الطاووس» وللفن والفنانين وللجمهور، حرية التأليف والإبداع لا تعني الانفلات، وحرية إبداء الرأي في عمل يلتزم بالضوابط والمعايير الأخلاقية لا يجوز أن تصل إلى حدود المنع والحجر على الفكر.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"