الرأي والمصلحة العامة

00:53 صباحا
قراءة دقيقتين

المحاضر والمؤلف نيجل ريزنر في كتابه الذي حمل عنوان: «شيفرة التأثير.. عش الحياة التي تستحقها»، أورد مقولة بليغة تصف واقعاً نعيشه ونشاهد آثاره السلبية دون أي رتوش أو ضبابية، وهي: «الرأي هو أرخص سلعة على وجه الأرض».
وبحق، فإن هذه الجملة تصف تلك الحالة الماثلة في مجالسنا، سواء تلك التي تكون مع الصديقات والأقارب أو في مقار العمل والوظيفة، أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي. في هذه الأماكن تحدث نقاشات وحوارات، يمكن تسميتها، بكل وضوح، بمناكفات أو خصومات أو معارك، فهذه حقيقة الحال دون تعميم، فتحت بند إبداء الرأي والنقاش الحر، تم تسميم الأجواء ولم يعد الجو صحياً ولا مكان للفائدة.
الواقع أن طرح الآراء ومناقشتها لا يتمان وفق هذه الآلية، ولا بهذه الطريقة الفوضوية، والفوضى يمكن ملاحظتها بسهولة عندما يقوم أشخاص لا ناقة لهم ولا جمل بإبداء وجهات نظرهم التي تأتي عاصفة وبعيدة جداً عن لبّ الموضوع ومحل النقاش، فيحدثون ضجيجاً ويبعدون الناس عن الفائدة؛ بل قد يوغرون الصدور فيظهر الغضب في النفوس.
 هذه الفئة تحديداً تجدها تناقش أمور الدين ومجالات العلوم على تعددها، ومجالات العلوم الإنسانية على تنوعها، وهؤلاء أيضاً خبراء في الرياضة والفن، وهذه العقلية لا تسمع من الخبراء والمتخصصين لكسب المعرفة؛ بل يقحم أصحابها أنفسهم في أمور تخصصية لم تمر بهم من قبل، ولم يسمعوا عنها طوال أعمارهم، وعندما تتم محاصرتهم تسمع تلك العبارة الرنانة:«أنا أعبر عن رأيي الشخصي، وأقول وجهة نظري الخاصة».
ومن الممكن أن تسمع أيضاً كلمات مثل: الحرص على المصلحة العامة، وأهمية المشاركة والتنوع في الطرح، وقائمة طويلة من المبررات، تُعطي أحدهم الحق في إقحام نفسه في مجال ليس مجاله، وتخصص لا يعرف نطق مسماه.
من هنا تصدق تلك مقولة: «الرأي هو أرخص سلعة على وجه الأرض»؛ لأن كل إنسان يمكنه رفع شعار الرأي الشخصي، ويعطي نفسه الحق في الحديث والمشاركة دون هوادة، ودون أية ضوابط، ودون الخوف من أية محاسبة. والخطِر في مثل هذه الممارسة أن هذه الفئة قد تنشر معلومات خاطئة وغير صحيحة، ومرة أخرى لا أحد يمكنه إيقافها، فهي تعبر عن رأي شخصي.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"