تعلّم حتى من أخطاء الآخرين

00:51 صباحا
قراءة دقيقتين

في حياتنا تكثر الاختلافات، ومعها تتباين وجهات النظر، وهذا ليس مدعاة للتنافر، أو العداوة. ومع هذا نتلقى بين وقت وآخر بعض الصدمات بسبب أخطاء ترتكب إما بحسن الظن، وإما لا.
 وتعاملاتنا اليومية محملة بالمواقف والقصص والمفارقات، والبعض من هذه الأحداث يبقى في عمق الروح، أو داخل القلب، وهنا تكون كالجرح الذي لا يندمل، وبسببه نصدر أحكاماً وقرارات قد تكون مؤلمة وعاطفية، مثل القطيعة، أو العداوة، أو الاكتفاء بعلاقة سطحية. والمشكلة عندما تكون مثل هذه المشاعر وردّات الفعل موجهة ضد أقارب لنا، أو أناس أعزاء على قلوبنا رافقونا سنوات، وكانوا بمثابة الإخوة، وبسبب موقف ما، أو حدث عابر، خلاله أخطأوا. ومن الذي لا يخطئ؟ جميعنا نرتكب الأخطاء بين وقت وآخر، ومن هنا حملنا لهم مشاعر سلبية في القلب، وقررنا القطيعة، وإنهاء هذا الرابط المتين معهم. وهذا من دون شك خطأ جسيم نرتكبه بحق أنفسنا، وضد حتى سلامنا النفسي، لأنه عندما نضحّي بصداقة ترسخت طوال سنوات، وبسبب موقف عابر أو حدث ما، ندمّر كل ما تم بناؤه، خلال كل تلك السنوات. وبطبيعة الحال لا أقصد السماح بالأخطاء أن تقع عليك وأن تتلقاها بعفوية وصبر، وأن تتحمل الأذى، بل ما أشير إليه هو معالجة الأخطاء، أو ما يقع عليك من أذى بحكمة، وبعيداً عن الاندفاع والتعجل، خاصة عندما يكون الخطأ قد صدر من إنسان مقرّب منك، ومن قلبك، لأن هؤلاء المقرّبين من الصعب تعويضهم، أو استبدالهم، أنت بحاجة إليهم، فلا تقسُ عليهم، ولا تقسُ على نفسك. نعم، تعلّم من الأخطاء التي تقع عليك، وزِد خبراتك الحياتية حولها. وكما قال الروائي الشهير باولو كويلو: «‏أصفح عن الآ‌خرين ولكن لا‌ أنسى كي لا‌ أُجرح مرة أخرى، الصفح يغيّر وجهات النظر، بينما النسيان يفقدك الدرس».
وعدم النسيان ليس من أجل الانتقام ولا من أجل ترك الأخطاء في القلب وتحيّن فرصة ردّها، وإنما من أجل أخذ العبرة والعظة والاستفادة منها كدرس حياتي. ولعل الفائدة هنا هي أن نتعلم حتى من أخطاء الآخرين، عندما تقع وتحدث، لأن هذا سيجنّبنا أن نقع في الخطأ نفسه مع أناس آخرين، وأيضاً نحمي أنفسنا من الألم، ويمنحنا قوة التوقع والصبر.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"