علماؤنا الغائبون عن الصغار

00:54 صباحا
قراءة دقيقتين

ما هي مسؤولية العلماء إزاء الأطفال؟ هي أكبر من المسؤولية، أمانة، رسالة. ما هي أمانة أعلام العلوم التي ستحكم مصير الإنسان مستقبلاً، في تبسيطها وتيسير استيعاب أدبياتها، قبل خوض غمارها نظرياً وتطبيقياً، حتى ينجذب إليها الأطفال والمراهقون ويتوقوا إلى أن يكونوا فرسان ميادينها؟ لا علينا إذا لم يكن من عاداتنا العلمية وتقاليدنا الأدبيّة أن يعكف العمالقة على صنع طائرات ورقية للأطفال. البرهنة على العكس لها شواهد كثيرة. ألم يكن أكبر أدباء تاريخنا، الجاحظ، يستهزئ بمعلمي الصبيان؟ نوادره عنهم لا تختلف في شيء عن كتاب ابن الجوزي «أخبار الحمقى والمغفلين». خلاصة القول: لنا العصر الذي نحن فيه، وعلى علمائنا أن يعيدوا النظر في سلوك الماضين، إن بقيت من طبائع نظرتهم إلى التأليف للصغار رواسب تقلل من شأنه.
جولة بين كتب الأطفال، العلمية بالذات، تكفي. جانب منها مترجم ترجمة تجارية مشكوكاً في قيمة النقل العلمي فيه، وبعض هذه الفئة يعود إلى عقود مضت، فالقيمة العلمية أيضاً تجاوزها الزمن. الجانب الآخر، وهو قليل، ألّفه أشخاص منهم غير متخصصين، فهم كحاطب ليل. لا مفرّ إذاً من ذكر ما يحقق استفزاز علمائنا العرب لتحفيزهم، من خلال: «وبضدّها تتبيّن الأشياء».
عميد علماء الفيزياء الفلكيّة في العالم، الكنديّ هوبيرت ريفز، وجد في حياته الزاخرة وقتاً كثيراً يهديه إلى الصغار، من خلال أكثر من كتاب: «الكون مشروحاً لأطفالي الصغار»، و«البحر مشروحاً لصغارنا». هذه قطرة من بحر، فلابن التاسعة والثمانين اثنان وثلاثون كتاباً في تبسيط العلوم الفيزيائية، إضافة إلى مؤلفاته المتخصصة في الفيزياء الفلكية والنووية.
شخصية أخرى، باسكال بيك، الفرنسي المتخصص في علم مستحاثات البشر (باليو أنثروبولوجيا)، لم تمنعه بحوثه ولا تدريسه كأستاذ كرسي في «كوليج دو فرانس»، من الكتابة للأطفال، ألّف لهم الكتاب: «داروين والتطور مشروحين لصغارنا». نختم بفرنسي طريف، فهو من أكبر المتخصصين عالميّاً في الثقوب السوداء، جان بيير لومينيه. من عناوينه المثيرة: «اختراع الانفجار العظيم»، «أخبار سارّة من النجوم»، وفي التبسيط: «الكون في مئة سؤال»، «حوارات تحت سماء النجوم». أمّا الطرافة ففي أنه كتب سبع روايات وثماني مجموعات شعرية، كلها مبحرة في الكون، إضافة إلى أنه موسيقي عازف بيانو.
لزوم ما يلزم: النتيجة الحنينيّة: أولئك العلماء يعيدهم الحنين إلى الصبا فيكتبون بأثر رجعي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"