الصومال في دائرة النار مجدداً

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

وكأن ثلاثين عاماً من الحروب الأهلية التي دمرت البلاد والعباد، وأهلكت الزرع والضرع لا تكفي الصومال الذي بالكاد بدأ يتلمس طريق الأمن والسلام والخروج من حالة التشظي التي ابتلي بها في صراعات قبلية مقيتة، ثم في بروز الجماعات الإرهابية مثل «حركة الشباب»، ليدخل متاهة صراع جديد على خلفية تمديد مجلس النواب ولاية الرئيس محمد عبدالله فرماجو، الأمر الذي رفضه مجلس الشيوخ ما أدى إلى انقسام الجيش واندلاع اشتباكات في العاصمة مقديشو.
 التجديد لفرماجو ورفض التجديد، ثم انقسام الجيش، كلها لأسباب عشائرية، ذلك أن سنوات الحرب المديدة والتسويات السياسية التي جرت خلال هذه الفترة، كانت تسويات هشة، ولم تحسم الخلافات العشائرية والقبلية، كما لم توحد الشعب وراء المؤسسات السياسية والأمنية، وظل الجمر تحت الرماد.
 جرت خلال السنوات الثلاثين الماضية محاولات إقليمية ودولية لإخراج الصومال من حزام النار بعد سقوط نظام محمد سياد بري العام 1991. بعدها تصاعد الصراع في ظل فراغ السلطة والفوضى، وازداد التدخل الإقليمي (الأثيوبي والكيني)، وانسحبت قوات السلام الأممية، ثم القوات الأمريكية، وتم إعلان «استقلال» عدد من الأقاليم، ودخل الصومال في قائمة الدول «الفاشلة» أو «الهشة».. إلى أن تم إنشاء حكومة اتحادية العام 2012.
 يبدو الصومال الآن وكأنه على وشك فقدان السلطة المركزية، والدخول في دوامة الفوضى مجدداً إذا لم يتم تدارك الأمر سريعاً لأن الصومال يعاني أساساً المجموعات الإرهابية، وعلى رأسها «حركة الشباب»، وفي حال عمت الفوضى، فإن ذلك سيكون فرصة ذهبية لكل التنظيمات الإرهابية لاستغلال الفراغ، وتحويل كل منطقة القرن الإفريقي إلى بؤر إرهابية على غرار منطقة الساحل الإفريقي.
 عملية إنقاذ الصومال هي في الدرجة الأولى مسؤولية الصوماليين والقوى السياسية وقادة القبائل والعشائر، وكلهم ذاقوا مرارة الحرب الأهلية وعرفوا نتائجها، ثم على الاتحاد الإفريقي أن يتحرك ويلجم الانهيار السياسي والأمني من خلال الآليات الإفريقية بما يقطع الطريق على التدخلات الأجنبية، التي قد ترى في الوضع الصومالي الهش فرصة للعودة واستخدام الأرض الصومالية منصة صراع في القارة الأفريقية، التي دخلت معمعة النفوذ بين الدول الكبرى.
 الأمين العام للأمم المتجدة أنطونيو غوتيريش أعرب عن «قلقه العميق» جراء الاشتباكات الأخيرة في مقديشو، ودعا «جميع الأطراف الصومالية المعنية» إلى استئناف المفاوضات على الفور للخروج من الأزمة، لكن غوتيريش نسي أن الأمم المتحدة معنية بالأزمة الصومالية باعتبار أن المنظمة الأممية مهمتها حفظ السلام والأمن الدوليين، وهو دور يجب أن تقوم به مجدداً من دون أن ننسى ما يمكن أن تقوم به جامعة الدول العربية باعتبار أن الصومال بلد عربي!

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"