ساسة أخطر من «كورونا»

01:33 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

القرار الفرنسي بفرض قيود على شخصيات لبنانية تعتبر مسؤولة عن عرقلة الحياة السياسية اللبنانية، أو ضالعة في الفساد، هو إجراء فرضته ظروف عرقلة المبادرة السياسية الفرنسية، التي تقتضي تشكيل حكومة جديدة ومباشرة المعركة ضد الفساد من خلال التحقيق الجنائي المالي لمعرفة كيفية سرقة المال العام، والسطو على ودائع اللبنانيين في المصارف، ما أدى إلى أزمة اقتصادية واجتماعية ومالية غير مسبوقة في تاريخ لبنان، ما يهدد بانهيار البلد، وسقوط كل اللبنانيين في وهدة الفقر والجوع والبطالة، وبالتالي انهيار ما تبقى من مؤسساته.

 إن القرار الفرنسي يعبر عن ضيق بالطغمة السياسية والطائفية التي تتحكم بمصير لبنان، وتسد أمامه كل آفاق الإنقاذ، وتشد الخناق على رقاب البلاد والعباد من دون أن يرف لها جفن، أو يستيقظ فيها ضمير.

 بعد سبعة أشهر على تكليف سعد الحريري بتشكيل حكومة تخلف حكومة تصريف الأعمال الحالية التي يترأسها حسان دياب والتي كانت قدمت استقالتها إثر انفجار مرفأ بيروت المدمر يوم الرابع من آغسطس/آب الماضي، فإن القيادات السياسية ما زالت تتعامل مع الأوضاع وكأن البلاد في أحسن حال، وأنه لا ضرورة للاستعجال في تشكيل حكومة، ولا تزال تمارس سياسة شد الحبال، وتتعامل بكيدية، وتضع الشروط والشروط المضادة، فيما البلاد تنحدر سريعاً نحو الهاوية.

 ليس هذا فحسب، بل إن هذه الطغمة ما زالت تعرقل التحقيق في أسباب انفجار مرفأ بيروت الكارثي، لمعرفة أسبابه، وتحديد مسؤولية المقصرين والمهملين لواجباتهم الوظيفية ومحاسبتهم، لأنها تتخذ من الطائفية والمذهبية ستاراً لحماية هؤلاء، وكذلك بالنسبة للتحقيق المالي في أسباب انهيار قيمة العملة الوطنية بشكل قياسي، ومعرفة «حيتان المال والسياسىة» الذين قاموا بتهريب مليارات الدولارات إلى مصارف خارجية، وحولوا حياة المواطن اللبناني إلى جحيم، بعد أن قاموا بسرقة جني عمره، وتركه فريسة للفقر والجوع.

 إن مقتل لبنان في نظامه السياسي البالي، الذي يقوم على المحاصصة الطائفية والمذهبية، ويحول دون الانتقال إلى نظام سياسي يقوم على الحرية والديمقراطية والعدالة الحقيقية، تكون فيه المواطنة هي الهوية الجامعة، والولاء للوطن هو الأساس. أي أن يكون الوطن لكل أبنائه بمعزل عن الدين والطائفية.

 إن هذا الحلم الذي يستدعي التخلي عن الهويات الفرعية القاتلة، وهو مطلب كثير من اللبنانين، تواجهه هذه الطغمة إياها، التي ترفض أي تغيير في بنية النظام، لأنها تفقد دورها وسلطتها ونفوذها، بل تفقد مبرر وجودها.. إنها حائط صد في مواجهة أي تغيير.

 إن هذه الطغمة في لبنان تشكل خطراً أكبر بكثير من خطر فيروس«كورونا» الذي يفتك باللبنانيين وغيرهم، لأن “كورونا” وجدوا له علاجاً من خلال التطعيم، إلا أن هذه الفئة من السياسيين وزعماء الطوائف أصبحت علة العلل، ويصح فيها المثل «فالج لا تعالج».. حتى القرار الفرنسي لن ينفع معها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"