عادي

«الملف 42»... السرد يراوغ القارئ

00:44 صباحا
قراءة 3 دقائق
2001

الشارقة: علاء الدين محمود

يمارس الكاتب عبد المجيد سباطة، لعبة المراوغة السردية من خلال روايته «الملف 42»، وهي ضمن أعمال القائمة القصيرة للبوكر العربية 2021، فالرواية تتناول بذكاء وحبكة متقنة فاجعة مؤلمة حدثت في بلاده، المتمثلة في كارثة الزّيوت المسمومة التي شهدتها ضواحي مدينة مكناس، أواخر خمسينات القرن الماضي، الأمر الذي تسبب بشلل وموت آلاف المغاربة، وكان لتلك الحادثة تداعياتها المؤلمة على المجتمع، والرواية تحاول الإحاطة بكل الظروف والملابسات التي أدت إلى الكارثة، وما نتج عنها من أجل استعادتها لتبقى حية لا يطويها النسيان، لكن العمل لا يكتفي بإعادة تلك التفاصيل الموجعة فقط، بل، وببراعة شديدة، يربط بينها وبين الراهن، فهو يتناول العلاقات الاجتماعية، وما يجري في المجتمع، وما يشغل بال الناس من خلال عدد من الحكايات المتناثرة التي تشكل مجتمعة متن الرواية، مثل قصة الكاتبة الأيريكية كريستين، التي جاءت إلى المغرب لإنجاز بحث أدبي، وهو الذي يقودها إلى كشف خيوط كارثة الزيوت المسمومة، إلى جانب حكايات أخرى مشابهة، وذات طابع اجتماعي.

الرواية وجدت صدى كبيراً وحظاً من التناول والتعليقات في المواقع القرائية المتخصصة، حيث أشاد بها عدد من القراء من حيث الموضوع وكيفية تناوله.

«رواية للمهمشين»، هكذا وصف أحد القراء العمل، وهو يوضح ذلك قائلاً: «استطاع الكاتب أن يتناول عدداً من القضايا الاجتماعية من خلال الرواية التي تنتصر للمهمشين والقابعين في أدنى السلم الاجتماعي، فهي تطرح سؤال القيمة الإنسانية من خلال كارثة الزيوت المعروفة في المغرب»، فيما يتوقف قارئ آخر عند ما أسماه باللعبة السردية في العمل، ويقول: «الرواية حفلت بالتقنيات والأساليب السردية الذكية والجديدة التي صنعت تفاصيل حكاية جدلية، بحيث نجد أن العمل ينهض على خطوط متعرجة ومتشابكة، لكن الكاتب نجح في الإمساك بها من دون إفلات يخلّ بالبناء الدرامي».

«موقف محايد»، ذلك وصف قدمه أحد القراء في سياق تحليله للعمل، ويقول: «على الرغم من الحمولة السياسية، لكن لا نجد في العمل موقفاً سياسياً خاصاً بالكاتب، فهو قد برع في أن يكون محايداً من دون اتخاذ موقف، أو رأي، بل يطرح الوقائع كما هي»، بينما يرى آخر أن الجانب الفلسفي هو الأبرز في العمل، ويقول: «على الرغم من الطابع الاجتماعي للرواية، لكن نجد أن هناك خيطاً فكرياً وفلسفياً هو المتحكم في الأحداث، فالكاتب استطاع أن يمرر رؤيته بذكاء شديد من دون أن تكون واضحة بصورة مباشرة».

«أساليب متعددة»، بتلك الإشارة تناول أحد القراء الثراء الفني عند الكاتب، ويقول: «نجد أن هناك تشابهاً بين الكاتب ومواطنه عبد الفتاح كيليطو، فهو يوظف معرفته بالأدب الغربي في إغناء الرواية العربية وتوسيع مداراتها، وكذلك هو يتبع طريقة نجيب محفوظ من حيث تناول المواضيع المحلية كمنطلق ومرتكز للرواية، فهو يقف في صفّ المقهورين، ويعبّر بشكل مباشر، وغير مباشر عن أمالهم، ويوجه نقداً للطبقات المرفهة»، وعلى المنوال نفسه يرى آخر أن الكاتب لعب، من خلال العمل، دور المثقف العضوي، ويقول: «نجح الكاتب عبر الرواية في التعبير عن مجتمعه، بل وغاص عميقاً في مسألة العادات والتقاليد لكي يصنع تفاصيل رواية تضج بالأسئلة وتحترم عقل القارئ»، بينما يرى آخر أن العمل كتب ب(حس المسؤولية).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"