تجاوبات في آفاق الروح

00:55 صباحا
قراءة دقيقتين

أليس مدعاة للقلق غياب البرامج الروحية في الفضائيات العربية؟ لقائل أن يقول: وما الذي ذكّرك بكان يا ما كان، في سالف العصر والأوان؟ نحن في شهر الفضائل الأخلاقية، والمناهل المعنوية، لكننا نفتقد الخمائل الروحيّة. يقيناً، يجب الاعتراف بجميل أكثرية شركات الإنتاج الفني، فهي تبذل الكثير، طوال أحد عشر شهراً، في ابتكار أحدث صيحات التربية المضادّة، التي هي علاج الداء بالداء نفسه. وكما لم يقل أبو الطيب: «لكِ يا مهازلُ في الفنون مهازلُ».
نتناول القضيّة من زاوية القدرات الإبداعية. قيمنا التراثية، وميراثنا الصوفي الطويل العميق، والأبعاد المعنوية للعبادات، منابع للتأمّلات والرياضيات الذهنية والنفسية، ومع ذلك يحزّ في النفس أن نرى ما تبدعه الأمم الأخرى من صميم إرثها الثقافيّ، بأوسع معاني الثقافة، وما تبتكره من تطوير للقديم، فتجعله موصولاً بأحدث إنجازات العلوم ومكاسبها. هنا نجد مروحة صينيّة من التناغمات التي تتجلّى في جسور بين ميادين تلوح متباينة، فإذا هي تتجاوب وتتناسب، وتتماثل وتتقارب.
الابتكارات الممكنة لا حدود لها، وهذا هو مصدر القلق إزاء عدم التنوّع والتنويع في منوّعات الفضائيات. البعض يبالغ فيصفها بأنها نكبة خيال. مبالغة، فهي لا تعدو أن تكون قحط خيال.على الدماغ التطويري أن يتأمل أن اليابانيين والصينيين ربطوا منذ قرون الرياضيات القتالية كالكاراتيه بالرياضة النفسية. «اليوجا» انتشرت عالمياً، فصارت مراكزها موارد اقتصادية.
جلال الدين الرومي متصوّف، لكن انظر العائدات الماليّة طوال العام. أمّا مدينة قونية التركية فكل دورتها الاقتصادية تدور حول المولوية.
عندما تهزل برامج الفضائيات، ومعها الإعلام كله ووسائط التواصل الاجتماعي، تتحوّل إلى أدوات تربية سلبيّة لغياب التوعية الإيجابية. 
من الضروري الانفتاح الشامل على كل ميادين الحياة العامّة. التربية الروحيّة لها دخل مباشر في أداء الدماغ، بالتالي فالعلوم العصبيّة تقول ألف كلام في هذا المجال، وعلاقته بالتربية والتعليم.
ذكر القلم من قبل أن مدارس فرنسية تفتتح الحصة بخمس دقائق من التنفس العميق. قطعاً، ليس هذا من التراث اللاتيني ولا اليوناني، يا أولي الألباب. هل يمكن أن ننسى الآفاق اللانهائية في الموسيقى الروحية، الصوفية، وأبعادها الاقتصادية حين تحقق العالمية؟
لزوم ما يلزم: النتيجة البرامجيّة: لو فكّرت الفضائيات في تلك الفضاءات ما كانت تلقي بمشاهديها إلى أمّ قشعم الفراغ الروحي في كل رمضان.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"