وادي زراعة أمن المستقبل

01:16 صباحا
قراءة دقيقتين

بكم تُقدّر عظمة ضمان الأمن الغذائي؟ حتى التاريخ جعل الحضارة الإنسانية تبدأ بالثورة الزراعية. شعوب وأمم كثيرة لم تدرك هذه الحقيقة بعد، فظلت الفجوة الغذائية ترهقها، تقعدها عن النهوض. عشرة آلاف عام لم تكن كافية لاستيعاب أن اللبنة الأولى في صرح الحضارة هي الاكتفاء الذاتيّ الغذائي. يقول عالم الاجتماع الفرنسي جاك بيرك: «لا توجد شعوب متخلفة، بل ثمّة شعوب سيّئة التغذية».
الأمن الغذائي أقدم من وجود البشر. بمجرّد ولادة الجنين، ليس عليه أن يحار في تأمين غذائه، فقبل الإنسان المنتصب، ثم الماهر، فالعاقل، كان الناس يأتون إلى الدنيا، قبل اكتشاف الزراعة، يفتحون أعينهم على العالم، قبل وجود مسحوق الحليب في الأسواق بأكثر من مليون عام.
في لحظة خروج الجنين ينطلق اللّبأ (أوّل الحليب) وفيه الغذاء «المصمّم خصّيصاً»، مع منظومة توفير المناعة في أيّامه الأولى، التي تحميه في بيئته الجديدة التي تعج وتضج بالبكتيريا. مصنع الحليب الربّاني كان جاهزاً قبل قدومه.
الآن، يحلو الحديث عن «وادي تكنولوجيا الغذاء»، الذي أطلق مشروعه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله. غاية هذا المشروع العظيم، الذي سيكون الأوّل في نوعه إقليمياً، هي مضاعفة إنتاج دبي الغذائي ثلاث مرات، في المرحلة الأولى. سينتج المشروع أكثر من ثلاثمئة نوع من المحاصيل الزراعية. أمّا الخطط الطموحة فقد بنيت أساساً على الإرادة الحاسمة والإدارة الفائقة، لهذا لم يقنع المشروع بما دون الريادة العالمية في تحقيق الأمن الغذائي.
الأرجح أن فكرة المشروع حين انبثقت في ذهن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، كان السؤال المحرّك هو: كيف يجب أن تكون الزراعة وتكنولوجيا الغذاء في عصر ريادة العلوم الحديثة؟ وكان الجواب: هو أن تسبق خطط المشروع حاضرها، مستثمرة أحدث مكتسبات العلم والتقانة.
من هنا كان المنطلق هو تأسيس كل مراحل المشروع على المصطلح المفتاح الأثير إلى قلب دبي: الابتكار، فالهندسة الزراعية والتكنولوجيا المستخدمة، يجب أن تقوم على خطط مبتكرة في ميادين الهندسة الحيوية والأتمتة والروبوتات والذكاء الاصطناعي في مجال الغذاء.
لزوم ما يلزم: النتيجة الخيريّة: إطلاق هذا المشروع في «يوم زايد للعمل الإنساني» هو تخليد لرسالة رمز زراعة الخير، طيّب الله ثراه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"