لا للإبداع ولا للمال

01:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل «حبكت» مع قضايا الفضائيات؟ ليس هذا السؤال صائباً تماماً، بدليل أن أيّ استطلاع رأي سيكشف أن أغلبية الفضائيات ليست لها قضايا، لكن نظراً لأهميتها المفترضة أو الافتراضية، ولكونها تريد لنفسها هيبة وهيلماناً في رمضان بالذات، من دون أن يبقى في الأذهان ما يبعث الشوق إلى مشاهدتها ثانية وثالثة، فإن من حق الإعلام تسليط الضوء على اللاعبين في الملعب، أهل الحلبة، لا على الجمهور.
الإعلام يدخل عادة في المعادلة، في حين يحتاج المشاهد إلى توضيح إذا لم يكن من العارفين ببواطن الأمور. المسلّم به هو أن الفضائيات ليست هي التي تطلب من شركات الإنتاج إنتاجاً معيّناً، بعد الاتفاق على القصة والسيناريو والإخراج، إلى كل المراحل. على المشاهدين أن يدركوا بالبنط العريض، أن تلك الشركات ليست قائمة على قيم الإبداع. هذه القيم لا تتحرك قيد أنملة إلاّ بطاقات خلاّقة معاييرها فنيّة جماليّة فكريّة هادفة، في الكوميديا أو في التراجيديا. 
النص لا حشو فيه ولا مطّ ولا تهريج، ولا محاولة إيجاد عكاكيز مفتعلة لفقدان التوازن، وتصوير التعثر والتخبط والترنّح وكأنها تجديد في تصميم الرقصات. كفاءات تعرف قدر إبداعها وتراه خليقاً برفع مستوى الذوق العام. المخرج مقتدر وذو خيال وسيع، والممثلون يرفضون ما يهوي بمواهبهم إلى قرار سحيق. حتى التصوير تكون فيه كل لقطة لوحة. مجموع المناظر والمشاهد معرض لفنون الكاميرا.
بأيّ مسلسلات تحلم أيها العربي؟ الشركات المعنيّة لا تتخذ الإبداع وسيلة ولا غاية. التراجيكوميديا هي أنها لا تتخذ الاقتصاد والمال لا أداة ولا هدفاً. لا أسرار في الموضوع. لا الميزانيات المرصودة أرقام تذكر، ولا العائدات لها أصوات وأصداء. قيل:«عُدّ نعاجك يا جحا» قال: «ماذا أعدّ؟ واحدة قائمة والأخرى نائمة».
لم يعد المستور مستوراً. بالمناسبة بعض قضايا حقوق الممثلين تؤول إلى المحاكم، لتأخر «أتعابهم» شهوراً أو سنوات. لا علينا. لكن من يطلب الحصاد الماليّ الوفير، قطعاً يسعى إلى الاستقطاب العربي الكبير، وفوقه إلى العالمية. أيّ المسلسلات العربية ترجموه ودبلجوه إقليمياً أو في القارّات؟ أليس للفضائيات دخل سلبيّ في المسألة؟ لو واجهت شركات الإنتاج برفض الهزال، لتغيرت الأحوال.
لزوم ما يلزم: النتيجة البديهية: يقال «من طلب العلا سهر الليالي»، ومن رام الملل سهر مع المسلسلات. سوء حظهم، وفرة العالمي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"