ليس من العجيب أن نختلف

02:02 صباحا
قراءة دقيقتين

بعض من الناس لديه درجة حساسية مرتفعة جداً، لأنه يغضب ويعتبر أن هناك خطأ قد وقع بحقه نتيجة لأمور بديهية من المسلم بها، وهذا الخطأ هو في الحقيقية لا يتجاوز أنه كان لديك رأي آخر يختلف عما يراه هو. طبيعتنا البشرية المتعلقة بالاختلافات والتباين، هي طبيعة واضحة وماثلة ونعيشها، نحن نختلف في الرأي وتتباين وجهات نظرنا في أبسط المواضيع وأقلها حضوراً في حياتنا، فكيف هي الحال في المواضيع ذات الحساسية المرتفعة أو تلك التي هي على درجة عالية من الأهمية؟
من المؤكد أن الاختلاف وارد بل هو واقع. في بيئات العمل والوظيفة تتعالى الأصوات في قاعات الاجتماعات بين أفراد فريق العمل الواحد، وهي أصوات تنم عن تعدد الآراء واختلافها، بل داخل المنزل ووسط محيط الأسرة الواحدة، يحدث بشكل متكرر اختلاف بين الزوجين في إدارة شئون حياتهم؛ وعندما يكبر الأبناء يصبح لكل واحد منهم رأي مختلف عن الأم التي ربتهم والأب الذي رعاهم. هذا جميعه ملاحظ وماثل في حياتنا، فلماذا بعض الناس يبالغون في ردّة فعلهم تجاه صديق أو رفيق عمر لمجرد أنه اختلف معه في الرأي ووجد حل أو لديه وجهة نظر أخرى ؟ لماذا نخاصمه ونعاديه وتتحول المحبة إلى كراهية؟ نحتاج لفهم طبيعة الاختلاف، وأن نضعه في إطاره الطبيعي والصحيح، من غير الممكن أن نعتبر ما نقوله هو الحقيقة المطلقة، وأن طريقتنا هي المثلى ولا توجد طريقة أفضل منها، وعندما نسمع رأي آخر نغضب ونعتبره محاولة لتكسير كلامنا أو لإظهارنا بمظهر الذي لا يعرف شيئاً أو لا يدرك طبيعة الأمور.
 العالم في مجال علم الاجتماع الراحل الدكتور علي الوردي، توجد كلمة تنسب له توصّف هذه الحال، جاء فيها: «ليس من العجيب أن يختلف الناس في ميولهم وأذواقهم، ولكن بالأحرى العجب أن يتخاصموا من أجل هذا الاختلاف». هذا على مستوى الأفراد والمجتمعات، حيث ستجد أن الصورة أكثر قتامة على مستوى العالم حيث تنتشر الصراعات وتتعدد الحروب، وهي نتاج لعدم فهم الاختلافات، وأيضاً هي توضح بشكل لا يقبل الشك أن هناك غياباً لمفهوم الحوار والتفاهم، وهو غياب مكلف وثمنه باهظ جداً. كم أتمنى أن تكون مبادئ وقيم، مثل: الاختلاف، الحوار، التفاهم، الإنسانية، السلام...إلخ. جزءاً من واقعنا، جزءاً من تعليمنا، جزءاً من معرفتنا وثقافتنا. لأنها قيم تعطي الفرد والمجتمع قوه ومكانة عالية، وفي اللحظة نفسها ستساهم في النمو والتطور والتقدم البشري.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"