نحو مستقبل مستدام لقطاع النقل

22:39 مساء
قراءة 3 دقائق

لارس ستينكفيست *

عندما نحاول تصوّر كيف سيكون عالمنا في المستقبل، فإننا نتخيل شوارع وممرات نقل أنظف وأكثر هدوءاً، وخالية من الانبعاثات. ولكن مع تزايد عدد السكان والمدن المزدحمة والتجارة الإلكترونية المزدهرة وتغيّر المناخ، فمن الواضح أننا سنواجه تحديات كبيرة في المستقبل. كما أن التحوّل إلى وسائل النقل التي تستخدم طاقة الكهرباء أمر لا مفر منه، خاصة إذا أردنا الوفاء بالتزاماتنا بموجب اتفاقية باريس والاتفاقية الخضراء للاتحاد الأوروبي. وفي حين أن أهمية المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات أمر معترف به على نطاق واسع، فإن الاستجابة عبر حل واحد لن تكون كافية لتلبية الطلب المتزايد على حلول النقل والبيئة التحتية المستدامة. وسيكون الاستثمار في الابتكار مثل تكنولوجيا خلايا وقود الهيدروجين أمراً أساسياً. 
لقد تعلمنا العديد من الدروس من جائحة «كوفيد-19»، بما في ذلك أهمية التحوّل لتأمين مستقبل مستدام لكوكبنا والأجيال المقبلة. ويتطلب ذلك تطوير حلول ذكية وتنافسية في مجال الحفاظ على المناخ، وابتكار تقنيات يمكنها التكيّف مع احتياجات شبكة النقل والبنية التحتية بأكملها.
وعندما يتعلق الأمر بالكهرباء، فإن معظم المؤسسات تعوّل إما على البطاريات الكهربائية أو الهيدروجين، لكن هناك عدد قليل جداً يدفع بنشاط نحو تطوير كلتا التقنيتين. وفي واقع الأمر، نحن في شركة «فولفو» نخطو خطوة أخرى إلى الأمام في الدعوة إلى نهج ثلاثي المحاور للطاقة الكهربائية، إذ تلعب محركات الاحتراق الداخلي دوراً مهماً في الحلول المستدامة. 
ولا يمكننا ببساطة اتباع نهج «مقاس واحد يناسب الجميع»، فنحن نعلم أن البطاريات تعد حلاً مثالياً للاستخدامات قصيرة ومتوسطة المدى، مثل استخدامها في الحافلات داخل المدن، وشاحنات جمع النفايات، والتوزيع المحلي والنقل الإقليمي، حيث تعود هذه المركبات بانتظام إلى مستودعات ثابتة، ما يسمح لها بالتزود بالوقود بسهولة. 
وفي الواقع أن العديد من المركبات التي تعمل بالبطاريات تشتغل بنجاح في البلدات والمدن في جميع أنحاء العالم، فهي ليست عديمة الانبعاثات فحسب، بل أكثر هدوءاً أيضاً. 
ولكن بالنسبة للنقل الثقيل وطويل المدى، فإن البطاريات ليست عملية، فالحجم المطلوب لتوفير طاقة كافية لها سيجعل السيارة ثقيلة جداً وغير عملية. وفي حال لم تعد المركبة إلى المستودع في المساء، أو تعمل في مواقع لا توجد فيها بنية تحتية جيدة، فقد لا تتمكن من الوصول إلى نقطة للتزود بالطاقة الكهربائية. وهنا يأتي دور خلايا وقود الهيدروجين. وعلى عكس البطاريات التي تخزّن الكهرباء، تنتج خلايا الوقود الكهرباء الخاص بها عبر الهيدروجين المخزّن في عملية كهروكيميائية.
وفي حين أن وقود الهيدروجين مكمل مثالي للسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، لا يزال يتطلب الأمر الكثير من العمل والجهد للاستفادة من الإمكانات الكاملة لهذه التقنية. 
وقد تعلمنا أن الجمع بين الخبرات هو أفضل طريقة لتسريع عملية التطوير، ولهذا السبب أنشأنا مشروعاً مشتركاً مع شركة «دايملر» يسمى «Cellcentric» بهدف تطوير تكنولوجيا خلايا الوقود واستخدامها في الشاحنات وتطبيقات أخرى بحلول النصف الثاني من هذا العقد. وتتمتع كل من «فولفو» و«دايملر» معاً، بخبرة هائلة وطويلة الأمد في تطوير التكنولوجيا والتصنيع وإنتاج المركبات على نطاق واسع. وهذه القدرات الفريدة التي تم تطويرها على مدى عقود، ستكون أساسية لمواجهة التحديات التي يطرحها النقل المستدام. 
 *رئيس قسم التكنولوجيا في شركة 
«فولفو» (المنتدى الاقتصادي العالمي)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"