«2020».. الأداء يغفر أخطاء المضمون

01:59 صباحا
قراءة دقيقتين

من المسلسلات التي إذا حكمت عليها من الحلقات الأولى ظلمتها، ليس لأنك تكون قد تسرعت بل لأن بدايتها تحمل التشويق والتطويل في آن. التشويق هو الذي يدفعك للاستمرار في المشاهدة، والتطويل خصوصاً في مشاهد يبدو واضحاً جداً أنها ممطوطة لاستدرار عطف الجمهور قبل أن يكون لديه أي دافع للتعاطف مع شخصيات لم يتعلق بها بعد.
«2020» دراما تكاد تكون الأفضل لبنانياً، لو اكتملت فيها الكتابة لتُنزلها إلى أرض الواقع في أحداث لا يمكن حصولها إلا في الخيال، علماً أن القصة بحد ذاتها مختلفة وجديدة.
في هذا المسلسل يبهرك أداء الممثلين فيطغى على النص تأليف نادين جابر وبلال شحادات، نضج واضح بين الثنائي الذي تابعناه في أكثر من عمل، نادين نجيم وقصي خولي. نجيم تؤدي أفضل أدوارها بشخصيتي الضابط سما والفتاة الهاربة من أخيها حياة. أما قصي، فقد انتقل إلى مرحلة عالية من النجومية، حيث يصير وجوده دافعاً كافياً وقوياً كي يحجز الجمهور مقعده للمشاهدة. مقنع بشخصية صافي الديب، يجمع النقيضين، تاجر المخدرات والابن الحنون على أمه والرجل الذي يفيض إنسانية ونخوة، ويفعل الخير بشكل تلقائي. وقصي تلقائي في الأداء، حين بكى أمه شعرنا بحرقة الابن الحقيقي الذي فقد أمه، موجع مبكي هذا المشهد، وهذا الفنان.
رندا كعدي في دور الأم تخترق القلوب، تذوب حناناً، لا يمكن أن يكون ما تفعله هذه النجمة تمثيلاً، صادقة حقيقية حتى النخاع.
فيليب أسمر جيد إخراجاً، لكن طبيعة القصة التي تجمع «الأكشن» والدراما، الشرطة والمجرم، تتطلب مزيداً من السرعة في الإيقاع كي يبقى المشاهد مشدوداً، يتوتر ثم يستكين، يغضب ثم يحن ويتعاطف.
من الشخصيات المميزة في «2020»، بلبل التي يؤديها حسين مقدّم وقد منحها الكثير من خفة الظل و«الشقاوة» وسرعة الحركة، لدرجة أنك تنتظر إطلالته في كل حلقة. تحبه رغم بشاعة دوره في تجارة المخدرات. كذلك تتألق كارمن لبّس بشخصية «رسميّة». تبدو حقودة قاسية بملامح «المعلّمة» في أفلام زمان المصرية، تفاصيل الشكل تتطابق مع عمق الشخصية، في عينيها ونظرتها كل مكنونات النفس والماضي المسكوت عنه والذي يخبئ الكثير من الحقائق، الكثير من الألم والنادر من الفرح. خلف قسوة رسميّة حب مستور، مكتوم وكأنه وصمة يجب ألا يراها أحد، كما هي مكتومة أمومتها التي لا تسمح لها بالظهور إلا في حنوّها على قطها الأسود حيث تلين في بيتها ومع وحدتها.
«2020» الأداء يغفر أخطاء المضمون، كما نتغاضى عن طبيعة عمل البطل صافي ومساعدته رسميّة وبلبل، ونتعاطف معهم ونصدق الجوانب البيضاء فيهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"