رؤية تنّينيّة للتعليم

01:14 صباحا
قراءة دقيقتين

ماذا يعني نظام التربية والتعليم المتطور في الصين؟ من الضروري معرفة مفهوم التنين في هذا الميدان الحيوي، حتى يأخذ الذهن فكرة عن المستقبل العالمي الذي ينتظر البشر. 
السؤال بطريقة مباشرة: ما هو هدف التربية والتعليم في الصين؟ للتعرف إلى الزوايا من كثب، شاهد القلم تقريراً مصوّراً فرنسياً عن التعليم في شانجهاي، من الابتدائية إلى الجامعة، فوجب إلقاء الضوء. العاصمة الاقتصادية الصينية هي القمة التعليمية لدى التنين. صرامة فولاذية. تبدو الأمور تسير بسلاسة، لكن الدارسين لا يجدون مجالاً للتنفس بين حلقات الجدول اليومي، من الصباح إلى المساء. في كل خطوة تتردد عبارة: «من أجل الوطن الأم». لا مكان للكسل، بل لعدم التفوق.
التقرير 24 دقيقة، كان في الإمكان الاستغناء عنه، والاكتفاء بجملة واحدة قالها مدير مدرسة نموذجية. المقولة لا تلخص فلسفة المناهج ونظام التعليم فحسب، بل تتعداها إلى تلخيص سياسة الصين جملة وتفصيلاً.
قد تلوح الدراسة في الصين، وشانجهاي بالذات، متناقضة مع مبادئ الحزب الشيوعي، وحتى مع اشتراكية السوق، لكونها حلبة صراع بقاء، بقاء للأصلح والأقوى، يقول الشابي: «إن الحياة صراعٌ.. فيها الضعيف يداس».
لا يكفي أن يكون الطالب متألقاً في الصين، فالمتفوقون عشرات الملايين، في حين أن الالتحاق بجامعة هارفارد أو «البوليتكنيك» الفرنسية، ليس متاحاً إلاّ لنخبة المتفوقين على صفوة النابغين من خيرة المتفردين! المفارقة هي أن هذه القلة حين تسافر وتشم نسائم الحرية الفردية في كبريات العواصم الغربية تعيد النظر في عيشة الأقفاص. ضريبة نفسية ثقيلة.
ماذا قال مدير المدرسة النموذجية، الذي لخص فلسفة النظام التعليمي وفلسفة سياسة الدولة، فأراح المحللين الجيوستراتيجيين من عناء التفلسف في النظريات؟ قبل ذلك، الأهم الذي تدور حوله عجلة المناهج هو التفوق في العلوم، كل العلوم، «من أجل الوطن الأم» طبعاً. هنا يستعيد المفهوم الاشتراكي حضوره، فالفرد يتوارى أمام المجموعة، لكن، يقيناً، لن يعود اقتصاد السوق الاشتراكي إلى الوراء، والمستقبل بعد عقدين في الأقل، كفيل بأن يكشف عن المعادلة السياسية الاقتصادية التي سيكون للصين شأن ووزن في إدخالها على النظام العالمي.
صاحبنا مدير المدرسة النموذجية في شانجهاي، لم يبخل بالنبراس الاستراتيجي، قال: «عندما تسيطر على العلوم، فإنك تسيطر على العالم».
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستشرافية: تأمل المفردة «السيطرة». الجيوش ستكون عباقرة، علماء، مهندسين، مخترعين، مبتكرين، أبطالاً، مبدعين...وفوقها رؤوس أموال تلعب بالتريليونات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"