العربية ومفارقات الابتكار

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

هل فكّرتَ في حلول مبتكرة لإنقاذ العربية من المأزق التاريخي الذي هي فيه؟ قبل حدوث خلافات، علينا الاتفاق على أن الآراء المقترحة، ليست بأيّ وجه من الوجوه تدخلاً في شؤون علماء لغتنا الأفاضل. كذلك ليس عيباً القول إن تخليص العربية من ورطتها لم يعد شأناً خاصاً محصوراً في اللغويين، مقصوراً عليهم. ظروف العصر اختلفت جراء تحوّلات زمان مختلف.
منذ ظهور علوم اللغة، مع الخليل، سيبويه.. حتى مشارف العصر الحديث، لم تكن للغويين وميادين اشتغالهم، صلات عضوية بواقع تطور الحياة وتغير أحوالها عالمياً، قياساً على أيامنا. من أهم مظاهر وعي التحولات رحلة رفاعة الطهطاوي إلى باريس، رأى أن الدنيا تغيرت. قس على ذلك محمد عبده، إلى طه حسين. حدث مثل ذلك في بلدان عربية عدة. اليوم، العربية في عالم آخر، فما هو كائن وما هو آتٍ، ليسا كما فات. حتى الفيروس المنحوس طرح ما لم يكن متصوراً: التعليم بلا مدارس. أيّ مجال لتعقيدات النحو والصرف والطفل يلهو بإبهاميه على لوحة الجوال بحروف ليست عربية؟ هل طرقت سمعك الحوارات الهاتفية لأطفالك مع أصدقائهم وزملائهم؟.
لماذا تزعجك الحقيقة؟ تجرّعها على مرارتها: بنات العرب وأبناؤهم، في هذا الواقع المؤسف الصادم، إذا تفاقمت سلبياته، قد يتعلمون العربية مستقبلاً بالمقدار المحدود الذي يتعلمه غير الناطقين بها. إذا كان الطالب يتلقى خمس ساعات عربية في الأسبوع، فإن حاجته المنطقية في ظروفه الحالية، لا تتجاوز الساعة. كل المواد التي هي فاعلة في حياته اليومية والمهنية، وعلاقته بالأفراد والمؤسسات، ليست العربية حاضرة فيها. الفرنسية والإنجليزية في المغرب العربي، والإنجليزية في باقي الخريطة. كل العلوم والتقانات والمال والأعمال لا علاقة للعربية بها.
الحلول العظمى تحتاج إلى مجموعة معجزات: تنمية شاملة قائمة على العلوم هدفها إنتاج العلوم بالعربية، لإحياء اللغة وأمجادها التليدة. ما الذي يمكن فعله الآن؟ مقترح القلم في غاية الوضوح: المطلوب مثلث أضلاعه: علماء لغة يتحلون بجرأة التجديد، وعلماء تربية عيونهم بالفطرة تنظر شزراً إلى الأساليب التقليدية البالية، وعفاريت معلوماتية تُلهمهم جنّيات وادي عبقر البرمجيّات، وتُريهم ما سيكون بعد عقدين وكأنه يجري أمام ناظرهم. إلى الابتكار سيروا.
لزوم ما يلزم: النتيجة المأمولية: إذا تحقق المثلّث، فسوف تمشي العربية في الأقل على ثلاثة، كمشية العرنجل، شادية: صوت صفير البلبل.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"