عادي
التلاعب بالمحررات.. جريمة عقوبتها السجن 5 سنوات

المزورون جهلاء يتحايلـون على الـقـانـون

00:45 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

تحقيق: أمير السني

تزوير المحررات الرسمية.. جريمة عقوبتها السجن 5 سنوات، وتكون العقوبة أشد في حالة تزوير مستندات إلكترونية؛ حيث تصل إلى السجن 3-15 سنة، وغرامة تصل إلى 750 ألف درهم؛ لكن في كل الأحوال يبقى المزورون جهلاء يحاولون التحايل على القانون؛ لكنهم لا يفلحون ويخيب مسعاهم؛ لأنه بات من السهل كشف المستندات المزورة في ظل التطور التقني الهائل، في المقابل تبقى حماية المجتمع من المجرمين مهمة شرطية وقضائية.

توضح وقائع التزوير المعروضة على المحاكم أن مستخدمي المحررات الرسمية المزورة يلجأون إلى العديد من الطرق؛ لتمرير معاملاتهم في الدوائر الحكومية؛ من بينها تصوير المستندات، ليتمكنوا من تغيير المعلومات بداخلها، أو الاستعانة بأشخاص تخصصوا في فن التزوير عبر استخدام برامج إلكترونية، ولكن هؤلاء يسقطون بسرعة في قبضة الشرطة؛ بسبب التطور التقني الذي بات يصاحب تلك المحررات مع وجود علامات محددة تبين بوضوح مدى صحتها من عدمها، وأنه بمجرد مقارنة المحررات المزورة بالأصلية، يمكن أن تظهر مدى سذاجة أولئك الذين يعتقدون أنهم استطاعوا أن يخدعوا الموظف العام، وأن خدمتهم سيتم إنجازها بسهولة. 
وعلى الرغم من اتجاه حكومة دولة الإمارات إلى التحول الرقمي والتعاملات الذكية في الدوائر الحكومية، فإننا نجد أغلب قضايا التزوير في المحررات الحكومية التي وردت بالمحاكم ظهرت في العديد من التعاملات؛ من بينها: المستندات المتعلقة بالعقارات من رخص تجارية والتصاديق، وعقود الإيجار، إلى جانب العقود المالية ما يدعو إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الأكثر تأميناً لتلك الخدمات الحكومية؛ بحيث يصعب تزوير محرراتها الرسمية.
تجريم الفعل 
وحذرت النيابة العامة للدولة، من عقوبة تزوير صور المحررات واستعمالها، وأشارت إلى أن المشرع لم يقصر التجريم على تزوير المحررات فقط؛ بل جرَّم كذلك تزوير صور المحررات؛ حيث إنه وفقاً للمادة 217 مكرر من قانون العقوبات الاتحادي؛ يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات كل من زور صورة محرر رسمي، وتم استعمال تلك الصورة، أو استعمل صورة محرر رسمي مع علمه بتزويره، ويعاقب بالحبس إذا كانت الصورة لمحرر غير رسمي.
وأوضحت النيابة أنه يقصد بالمحرر الرسمي الذي يختص الموظف العام بمقتضى وظيفته بتحريره أو بالتدخل في تحريره على أية صورة أو إعطائه الصفة الرسمية، أما ما عدا ذلك من المحررات؛ فهو محرر غير رسمي.
نماذج أمام القضاء 
كانت محكمة الشارقة قد عاقبت أحد المتهمين بتزوير تاريخ رخصة تجارية، بالحبس سنة واحدة؛ حيث قام بتغيير تاريخ انتهاء الرخصة بنية استعماله كمحرر صحيح، وتم استعمال تلك الصورة مع علمه بأنها مزورة.
وأيدت محكمة نقض أبوظبي، حكماً استئنافياً قضى بمعاقبة متهم بالحبس 6 أشهر، وإبعاده عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة؛ لإدانته بالاشتراك مع آخر في تزوير شهادة راتب وبطاقة هوية وتأشيرة إقامة واستمارات فتح حساب بنكي؛ لتقديمها إلى أحد البنوك العاملة بالدولة، بطريق الاصطناع، بأن اتفق معه على ذلك، وأمده بالبيانات اللازمة فقام المجهول بإنشائها على غرار المحررات الصحيحة التي تصدرها تلك الجهة والتوقيع عليها بإمضاءات، وقام بتقديمه إلى الموظف المختص في أحد البنوك.
كما أحالت النيابة العامة في دبي، 3 متهمين إلى محكمة الجنح، بتهمة تزوير كشف حساب بنكي، واستعمال صورة المحرر المزور للاحتيال على شركة متخصصة بتجهيز هدايا عينية؛ حيث بلغت قيمة الهدايا المسروقة 25 ألف درهم، وهي عبارة عن هاتفين نقالين وزجاجتي عطر وباقة من الورود الطبيعية.وقضت محكمة جنايات عجمان الشرعية، بالسجن ثلاث سنوات، والإبعاد بعد انتهاء فترة العقوبة، لمتهم آسيوي الجنسية، يبلغ من العمر 33 عاماً، لقيامه بتزوير محررات، كما قررت المحكمة مصادرة جهاز حاسوب والمعدات التابعة له، والتي يستخدمها في تزوير المحررات، وأقر المتهم في تحقيقات النيابة العامة، بأنه سلم شخصاً شهادة دراسية بصورة ملونة، صادرة من دولة عربية، وعليها مجموعة من الأختام الخاصة بالتوثيق. 
مكاسب شخصية 
يوضح المحامي يوسف البحر، أن السبب الرئيسي وراء إقدام أشخاص على تزوير الأوراق والمحررات الرسمية؛ هو التحايل على القانون؛ لتحقيق مصالح شخصية سواء كانت بسيطة كتزوير تذكرة أو كبيرة كتزوير فواتير وعقود ووثائق وغيرها، مشيراً إلى أن عقوبة تزوير الأوراق الرسمية للدولة عبر إدخال تعديلات عليها لاستخدامها لأغراض غير قانونية بهدف تنفيذ جرائم النصب والاحتيال والسرقة وغيرها، تصل إلى السجن لمدة لا تزيد على 10 سنوات تحدد مدتها الجهات القضائية وفقاً لتفاصيل القضية.
ويشير إلى أن تحول العمل التقليدي في دولة الإمارات إلى العمل الإلكتروني الذكي؛ أسهم بتراجع تزوير المحررات الرسمية وغير الرسمية؛ وذلك كون التزوير بات من السهل كشفه في ظل التطور التقني والحديث وسهولة مراجعة صحة المستندات وسلامتها وغيرها، وأن المُشرع الإماراتي حرص في قانون العقوبات الاتحادي، أن يخصص باباً للعقوبات على كافة جرائم التزوير، ويضم هذا الباب 14 مادة تحوي عقوبات مشددة على «تزوير وتقليد الأختام والعملات والطوابع وكافة الأوراق الرسمية والمحررات والأوراق غير الرسمية؛ لذلك فإن التزوير هو كل تحريف للحقيقة وتغيير في المستندات من شأنه أن يخدع الضحايا سواء من الأفراد أو الجهات الرسمية من أجل تنفيذ جريمة جنائية سواء كانت النصب أو الاحتيال أو السرقة وغيرها، وقد عرف قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1978 التزوير على أنه تغيير الحقيقة في محرر أو أوراق تغييراً من شأنه إحداث ضرر؛ وذلك بنية استعماله كمحرر صحيح أمام الجهات المختصة.
وأيضاً ينص قانون العقوبات على معاقبة من يستخدم المحرر بعد التزوير، وكذلك من يقوم باستخدام محرر مزور مع علمه بكونه مزوراً من أجل تحقيق أهداف غير مشروعة وغير قانونية؛ حيث نصت المادة 217 مكرر، على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من زور صورة محرر رسمي وتم استعمال تلك الصورة. أو استعمل صورة محرر رسمي مع علمه بتزويره. ويعاقب بالحبس إذا كانت الصورة لمحرر غير رسمي.
ويبين المحامي أحمد بن ضاحي، أن التزوير جريمة صنفها القانون على أنها «جنائية»؛ لما لها من ضرر بالغ على الضحايا سواء من الأفراد أو المؤسسات، ووضع عقوبات رادعة لها بعد أن حدد بشكل واضح تعريفه وكيف يقع الشخص في ارتكاب جريمة التزوير، وهناك 7 طرق اعتبر قانون العقوبات القيام بها يعد جريمة تزوير، وهذه الطرق موضحة في المادة 216 من قانون العقوبات والذي نص على أن طرق التزوير تتمثل أولاً في إدخال تغيير على محرر موجود سواء بالإضافة أو الحذف أو التغيير في كتابة المحرر أو الأرقام أو العلامات أو الصور الموجودة فيه أو عليه، وثانياً في وضع إمضاء أو ختم مزور أو تغيير إمضاء أو ختم أو بصمة صحيحة. 
أما الطريقة الثالثة للتزوير فتتمثل في الحصول بطريق المباغتة أو الغش على إمضاء أو ختم أو بصمة لشخص من دون علم بمحتويات المحرر أو من دون رضا صحيح به، وتتمثل الطريقة الرابعة في اصطناع محرر أو تقليده ونسبته إلى الغير، الطريقة الخامسة تتمثل في ملء ورقة ممضاة أو مختومة أو مبصومة على بياض بغير موافقة صاحب الإمضاء أو الختم أو البصمة، فيما الطريقة السادسة فتتمثل في انتحال الشخصية أو استبدالها في محرر أعد لإثباتها، والطريقة السابعة والأخيرة فتتمثل في تحريف الحقيقة في محرر حال تحريره فيما أعد لإثباته. 
ويضيف أحمد بن ضاحي أن جميع الأفعال السابقة توقع الشخص بارتكاب جريمة التزوير؛ لذلك يجب توخي الحيطة والحذر اللازمين دائماً والتعامل مع المستندات بمسؤولية عالية، وعدم إحداث أي تعديل أو تغيير عليها إلا بعد مراجعة الجهات المختصة والمسؤولة.
التزوير الإلكتروني 
وتؤكد المحامية شهد المازمي أهمية التوعية المستمرة بضرورة التحقق من المستندات الإلكترونية التي تصلنا عبر البريد الإلكتروني، من خلال مراجعة الجهات المختصة، أو التحقق عبر الكود أو الرقم التعريفي المرفق في معظم المستندات الإلكترونية وخاصة المستندات الصادرة من الجهات الرسمية، وفي الوقت الذي عاقب فيه القانون الإماراتي على التزوير في المحررات التقليدية، فإنه أيضاً عاقب على التزوير بالمحررات والمستندات الإلكترونية من خلال المرسوم بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 5 لسنة 2012. 
وتوضح المازمي أن المُشرِّع الإماراتي حدَّد عقوبة تصل إلى السجن المؤقت «من 3 إلى 15 عاماً» وغرامة مالية تصل إلى 750 ألف درهم على تزوير المستندات الإلكترونية».
وتضيف أن هذه العقوبة المشددة تهدف إلى مكافحة جريمة تزوير المستندات الإلكترونية وبالتالي حماية المجتمع والمحافظة على أموال الناس ومنع جرائم الاحتيال والنصب وغيرها. 
حماية قصوى
ويوضح المهندس عبد المجيد أحمد عبد المجيد، المتخصص في أمن المعلومات أن مزوري المحررات الرسمية يعتمدون على المساحات الضوئية التي تقوم بتحليل الأصل الذي قد يكون كتابة أو توقيعاً أو رسماً أو شكلاً أو صورة أو تصميماً، وتحويل صورة الأصل إلى بيانات رقمية تنقل إلى الكمبيوتر وقد تخزن في ذاكرته، ثم تأتي خطوة المعالجة بواسطة الكمبيوتر عبر برامج تطبيقية تخدع الناظر لها، ويظن أنها كتابة يدوية بشرية، وأن الناسخة الضوئية تستخدم في تزوير بصمات الأختام، وفي اصطناع المحررات، وفي تقليد العملات الورقية، وتقليد وتزوير جوازات السفر عن طريق تعريض المحرر المراد استخراج نسخة منه للضوء، وعندئذ يتم إسقاط صورة لهذا المحرر على أسطوانة الناسخة بواسطة مجموعة من العدسات والمرايا. 
بعدها يتم استظهار الصورة على الأسطوانة الحساسة بواسطة التزوير ثم تنقل هذه الصورة التي صارت مرئية إلى الورقة؛ حيث يتم تثبيتها بفعل الحرارة أو الضغط أو كلاهما
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"