فن الممكن لغوياً

01:18 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يجب الاعتراف بواقع العربية والتصرف بمقتضاه؟ هذا سؤال كبير. بصراحة يعني غسل اليدين من الحلول الطوباوية، لأن المشكلات تراكمات سنين بل قرون، والتعويل على المعجزات برهان واه. لم يعد الزمان زمان حدوث تحول كل قرن، عصرنا عصر تغيرات جذرية كل عشر سنوات. من يدري فقد يتغيّر العصر كل عام.
من غير المعقول انتظار اتفاق العرب على شكل موحّد واحد لتطوير العربية: اختصار قواعدها، طرح الزوائد غير الضرورية والتخلص منها، إنقاذها من الوزن الزائد الذي يقعدها عن الحركة. لا بد من ظهور أكثر من آدم سميث عربي، فذلك الاقتصادي البريطاني، أوصى بأن تعامل اللغة كما لو كانت بضاعة. يجب أن تكون عملية، سهلة الاستخدام، مفيدة، خالية من التعقيد فينفر الناس منها. بكل يقين: بنات العرب وأبناؤهم غير مقصرين. هؤلاء يدرسون لغتهم ست عشرة سنة (6+6+4)، ثم لا يحسنون كتابة صفحة سليمة من الأخطاء، ولا يستطيع الواحد منهم ارتجال دقيقة فصحى من غير لحن. أحد أمرين أيها الحضرات: إمّا العربية التي تعلمونها معقدة وغير قابلة للسيطرة، وإمّا، معذرة، فالعرب لا يعرفون أساليب التدريس الصحيحة العصرية، وكما لم يقل الشاعر: «نعيب لساننا والعيب فينا». سينبري لنا أهل الدعابات حتما، هذا يدعو إلى ترك تيسير قواعد العربية للقطاع الخاص، وذاك يقترح تدويل تطويرها، وذلك يرى إعلان جائزة عربية لأفضل مشروع تجديدي مبتكر. لعدم إضاعة الوقت، يمكن الانطلاق العملي من فن الممكن: التطوير المحلي. للحيطة والحذر، لا بد من إشراف علماء لغة على أي تحرك تحديثي، مع احترام الموجهين وحفظ الألقاب. في هذا استكمال للحديث أمس عن المثلث الإنقاذي (العربية ومفارقات الابتكار).
فقهاء اللغة أدرى بالتعامل، فهم في المشتغلين باللغة، بمثابة المتخصصين في العلوم العصبية وجراحة المخ من الأطباء. ضروري أن يشاركهم في الحركة التحديثية علماء التربية، الذين هم أعلم بقضايا التعليم وشعاب أساليبها. إذ إن معضلات العربية تتلخص في جملة بسيطة: مادة معقدة وطريقة توصيلها ملتوية. البعض يصفها، سامحه الله، بالطبق الثقيل على المعدة وطريقة عرضه رديئة. المسألة ليست كارثة، هي مأساة فقط. بعد تهيئة المكونات وتحديد طريقة الإعداد، يأتي دور نوابغ المعلوماتية، الذكاء الاصطناعي، لتكتمل الطبخة عرضاً وتقديماً.
لزوم ما يلزم: النتيجة الممكنية: إذا غاب ماء العمل العربي المشترك، حضر تيمم الإنجاز المحلي، لكن بعلم وروية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"