واحد زائد واحد يساوي صفراً

01:22 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد سعيد القبيسي

في عالم الإدارة، لا بد من توفر المعرفة والخبرة وإلا لن تكون مديراً ناجحاً، لكن المثير للدهشة هو أن هناك عشرات الأمثلة الحية لمديرين لا تنقصهم المعارف ولا الخبرات اللازمة لتحقيق النجاح، إلا أنهم يُخفقون في إدارة شؤون موظفيهم وتسيير العمل بالشكل الأمثل.
وهذا ما أسهم في تحقيق قفزة نوعية في الأبحاث التي أجريت خلال العقود الماضية، والتي تم التوصل إليها عبر حقيقة مفادها أن مهارة التواصل مع الموظفين وتقديرهم لا تقل أهمية عن المعرفة النظرية والخبرة العملية؛ بل قد تفوقهما أهمية في كثير من المواقف.
في صبيحة أحد الأيام، كان مدير إحدى شركات صناعة السيارات يُجري اجتماعاً مع مجموعة من موظفي الشركة، لمناقشة بعض القضايا المهمة بالنسبة لهم من الناحية الوظيفية وحتى الشخصية، فإذا بمكالمة هاتفية تقطع عليهم لقاءهم ذاك، بيد أن المدير تجاهلها كلياً مواصلاً عقد الاجتماع، فما كان من إحدى الموظفات إلا أن قالت له بعد أن استمر الهاتف يرن للمرة الخامسة: «ألن ترد على المكالمة يا أستاذ؟»، فوضع هاتفه المحمول على وضع الصامت، وقال: «لا. فأنا لا أعلم ما إذا كانت المكالمة تتعلق بأمر مهم أم ثانوي، لكن في كافة الأحوال وبغض النظر عن الموضوع، فإنه يمكن أن ينتظر إلى حين انتهائنا، الذي أعلمه تماماً هو أن هذا الاجتماع في غاية الأهمية».
وعلى الفور، شعر جميع الحاضرين بمن فيهم تلك الموظفة بسعادة غامرة، وبأن مديرهم يقدر جهودهم في العمل، وحاضر دوماً للرد على استفساراتهم وحل مشكلاتهم، ومساعدتهم في أي أمر يحتاجون إليه، فضلاً عن أن هذا المدير باعتراف الجميع خارج هذا الاجتماع المغلق، هو مثال وقدوة لكل قيادي يتواصل مع موظفيه بشكل إنساني ورائع قبل أن يطلب منهم أداء أي عمل.
المعرفة مهمة، والخبرة ضرورية، لكنهما من دون مهارة التواصل وتقدير العاملين لا يساويان شيئاً على الإطلاق، وهذا سبب إخفاق آلاف المديرين حول العالم على الرغم من إمكانياتهم الضخمة، في مقابل مديرين متوسطي المعرفة والخبرات حققوا نجاحات باهرة، بفضل قدرتهم الاستثنائية على التواصل مع الآخرين، واهتمامهم الحقيقي بمن يشاركونهم العمل.
إن المدير الناجح هو الذي يعتبر نفسه جزءاً من فريق العمل لا رأس الهرم، والذي يعدّ صلته بالموظفين في المؤسسة أساس نجاحها ودعامة استمراريتها، لا معرفته النظرية وخبرته العملية، ليغدو بمعرفته وخبرته، إلى جانب قدرته الفذة على التواصل، قدوة يحتذى، وسبباً رئيسياً في ارتقاء الشركة وجميع مَن بداخلها. وهكذا يجب أن يكون كل مدير يطمح للنجاح، إنساناً بحق، قبل أن يكون صاحب منصب إداري.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"