القدس والمجتمع الدولي

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين

في استفزاز، لا لمشاعر المقدسيين والفلسطينيين وحدهم، وإنما لكل المسلمين في العالم اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي باحة المسجد الأقصى، مستهدفة المصلين العُزل بقنابل الصوت والغاز والرصاص المطاطي، وفي وقت له قدسية خاصة عند المسلمين، كونه يصادف الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، غير آبهة بما يترتب على ذلك من عواقب تزيد من تصعيد الوضع المتفاقم أصلاً في القدس على خلفية ما يجري في حي الشيخ جراح بالمدينة، حيث تتجه سلطات الاحتلال لإجلاء عائلات فلسطينية من بيوتها فيه، في إطار سياسة تهويد المدينة الجارية على قدم وساق منذ عقود.
أدى اقتحام قوات الأمن الإسرائيلية باحة المسجد الأقصى إلى إجبار المواطنين الفلسطينيين على الخروج منه، وسط مواجهات عنيفة ما أدى إلى إصابة أكثر من 53 فلسطينياً إصابات خطيرة، حيث نقل 23 منهم إلى المستشفى، وجرى اعتقال آخرين، إثر اندلاع المواجهات عقب إفطار جماعي نظمه داخل المسجد الأقصى متضامنون مع أهالي حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، ومع حقهم في البقاء في منازلهم المهددة بالمصادرة. وأكدّ الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان له وقوع 13 إصابة بالرأس ومعظمها بالعيون خلال المواجهات مع قوات الاحتلال.
حتى قبل أن تقوم قوات الاحتلال بهذا الاقتحام، قالت مفوضیة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الخطوات التي تقوم بها إسرائيل ضد أهالي حي الشیخ جراح في القدس الشرقیة قد ترقى إلى «جرائم حرب».
وفي بيان أدلى به المتحدث الإعلامي باسم المفوضة ذكّر بأن «القدس الشرقیة لا تزال جزءاً من الأراضي الفلسطینیة المحتلة ویسري عليها القانون الدولي الإنساني»، داعياً إلى «ضرورة احترام سلطة الاحتلال القائمة للممتلكات الخاصة في الأراضي المحتلة، لا سیما أنها محمیة من المصادرة»، مؤكداً على أنه ليس بإمكان إسرائيل «فرض مجموعة قوانین خاصة بها في الأراضي المحتلة بما في ذلك القدس الشرقیة لطرد الفلسطینیین من منازلهم»، لأن عمليات الإخلاء القسري تنتهك الحق في السكن اللائق والخصوصیة وحقوق الإنسان الأخرى لمن سيتم إجلاؤهم، وما ينجم عن ذلك من ترحيل إجباري لهم، وهو أمر تحظره اتفاقیة جنیف الرابعة ویشكل انتهاكاً خطیراً للاتفاقیة.
الموقف المقدّر للمفوضية الذي شمل دعوة إسرائيل إلى «الوقف الفوري لجمیع عملیات الإخلاء ومراجعة القانونین اللذین تستعملهما سلطات الاحتلال كي يتوافقا مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان»، بحاجة إلى أن يترجم، دولياً، إلى خطوات فعلية، تضغط على إسرائيل للعودة عن قرارات اتخذتها محاكم إسرائيلية بإخلاء منازل الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، والانتصار للحق الفلسطيني.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"