تمارين رشاقة للعربية

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في أن نوفي الكيل للغتنا العزيزة فنقدرها حق قدرها؟ تبقى أسئلة من قبيل: هل العربية تركة تجاوزها الزمن حتى ندعي ضرورة تطويرها؟ هل يجرؤ أحد على لمس شعرة من النحو؟ هل يعد تطويراً أن تحذف شواهد شعر الجاهلية وصدر الإسلام، وتأتي بأبيات لشوقي والجواهري والبردوني؟ من ظن أن باب الاجتهاد في النحو قد أغلق، فقد أغلق دماغه.
مثلاً: تحدث أبو حيان التوحيدي، في المقابسة الثانية والعشرين، عن علاقة النحو العربي بالمنطق، وأورد في «الإمتاع والمؤانسة» مناظرة بين أبي سعيد السيرافي ومتّى بن يونس في المفاضلة بين النحو العربي والمنطق اليوناني، فهل من المنطق أن نرى أعجوبة مثل نائب الفاعل؟ النحاة أنفسهم يعترفون بأن هذا العجب غالباً ما يكون مفعولاً في الأصل: «بِيعَ الكتاب»، أي باع التاجر الكتاب، فهل من المنطق أن ينوب الكتاب عن البائع في بيع نفسه؟ أربعة عشر قرناً والعرب يرددون هذه المهزلة.
علماء اللغة غير مطالبين بتغيير القواعد، لكن واجبهم ابتكار صياغة جديدة للإعراب مفادها بأن المفعول به يأتي تارة منصوباً نحو «قرأ الطالب البحثَ»، وأخرى «قُرئ البحثُ». هذا يعني أن المناهج لا تثير الأسئلة في الأذهان ولا تصنع العقل الناقد، وأنها صب مادة بالقُمع في الأمخاخ بلا كيف ولماذا.
ماذا لو قال الطلاب للأستاذ: ما هذا المنطق الذي نتعلمه ويمكن أن نحصل فيه على صفر؟ هل تريد أن نقتنع بأن الدجاجة تنوب عن الآكل في التهامها؟ ويل للنحاة والمناهج إذا استيقظ الطلاب من سبات استغفالهم.
الذين يحملون أمانة حراسة العربية لم يحركوا ساكناً منذ أمد بعيد، على طريق تخليص لغتنا من تناقضاتها وتعقيداتها. هذه المشكلات أوجدها النحاة من القرن الثاني الهجري فصاعداً. تعقيدات مثل نظرية العامل وباب الاشتغال، وهلمّ جرّا ونصباً ورفعاً.
من الضروري أيضاً أن يضع المشرفون على المناهج الأمثلة من واقع الحياة العصرية أيضاً: العلوم، التقانة، الخيال العلمي، الذكاء الاصطناعي، المعلوماتية، الفضاء، أكبر كبير وأصغر صغير، مع استخدام أحدث الوسائل والأجهزة المتاحة، حتى لا يشعر الطلاب بأن لغتهم خارج العصر.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستشرافية: يجب تأهيل الطلاب اليوم لحياة الغد التي ستكون العلوم والتقانات عاملاً أساسياً في تدريس علوم اللغة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"