إشكالية الانتخابات الفلسطينية

00:42 صباحا
قراءة 3 دقائق

لا يزال الغموض يحيط بقصة تأجيل الانتخابات الفلسطينية التشريعية، وبالتالي الرئاسية، على الرغم مما صدر عن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس ومعاونيه من أجهزة السلطة أو منظمة التحرير الفلسطينية أو حركة فتح، ما أشعل موجة من الانتقادات والاتهامات والجدل الداخلي لم تهدأ حتى اللحظة، ويزيد الأمر تعقيداً ما يحدث من مواجهات بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين، على خلفية قرارات بهدم بيوت في منطقة الشيخ جراح، ونوايا طرد سكانها، والعمليات العسكرية التي قام بها فلسطينيون في نابلس وغيرها. ويعتقد البعض أن السلطة وراء هذه التحركات؛ لإحياء عملية مفاوضات الحل النهائي التي تشمل قضايا القدس الشرقية وحق عودة اللاجئين والمستوطنات والحدود.
 فقد صرّح الرئيس الفلسطيني أنه أجّل الانتخابات؛ لأن إسرائيل «لم تسمح لسكان القدس الشرقية بالمشاركة في الانتخابات، وأي انتخابات من دون تلك المشاركة تُعد ناقصة»، أما عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية فقال: إن حركات التحرر الوطني لا تجري انتخابات سوى مرة واحدة تحت الاحتلال، وصرّح قيادي فلسطيني آخر قائلاً: «إن مشاركة سكان القدس الشرقية تقع ضمن الثوابت الفلسطينية، والمضي بها من دونهم هو تنازل عن الثوابت».
 إن واقع القدس الشرقية اليوم يختلف عنه في عام 1996 أو 2006، حين تم إجراء انتخابات بمشاركة سكان القدس الشرقية، وكان الإقبال ضعيفاً، فبعد هذين التاريخيين اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وسكان القدس الشرقية، في أضعف الإيمان، يقيمون تحت السلطة الإسرائيلية ويحملون البطاقة الزرقاء، أي الهوية الإسرائيلية، ومنهم من يحمل الجنسية الإسرائيلية، وهذا ما يعرفه رئيس السلطة، وتغيير هذا الواقع؛ يتطلب الدخول في مفاوضات الحل النهائي بشأن القدس؛ وانسحاب الجيش الإسرائيلي منها؛ وإيجاد حل للمستوطنات التي بُنيت على أراضيها، وهي عملية طويلة، أما إن حركات التحرر لا تجري انتخابات تحت الاحتلال سوى مرة واحدة كما قال عزام الأحمد، فالواقع يقول إنه حدثت انتخابات كما أشرنا في عامي 1996 و2006 وبعدها أقفلت إسرائيل مكاتب منظمة التحرير وبيت الشرق، ومنحت عدداً من المقدسيين جوازات سفر، وفرضت عقوبات على كل من يغادر القدس لثلاث سنوات متتالية، وفي النهاية نستنتج أن تلك التصريحات لا تتمتع بأسانيد قوية.
 ويرى مراقبون أن سبب تأجيل الانتخابات يتعلق باستطلاعات الرأي التي توصلت إلى أن قوائم حركة فتح الانتخابية وقوائم الرئيس جاءت في الترتيب الرابع، وتقدمت قوائم حركة حماس والأحزاب الأخرى، ما أثار شكوكاً لدى مستشاري الرئيس، ودفعوه لتأجيل الانتخابات. 
ومن جانب آخر، قالت تقارير إن ضغوطات خارجية وداخلية مورست على الرئيس عباس لتأجيل الانتخابات مخافة صعود قوائم حماس كما حدث في عام 2006، وبذلك يخسر عباس انتخابات المجلس التشريعي وربما الانتخابات الرئاسية. وما ضاعف من الشكوك أيضاً الشعبية التي حصدتها قوائم الأسير مروان البرغوثي وفق استطلاعات الرأي، وهو الفتحاوي الذي وقف أمام الرئيس عباس منافساً ومطالباً بالإصلاحات. 
 باعتقادنا، كان عباس يعلم أن إسرائيل لن تسمح لسكان القدس الشرقية بالانتخاب؛ لأنها تعدهم «رعاياها»، أو على الأقل أقلية في دولتها، وقصد من وراء ذلك خلط الأوراق؛ لإعادة ترتيبها من جديد، لكن خانه التوقيت.
 ويجب ألا نعتقد أن السياسة التي انتهجتها إسرائيل كانت صائبة؛ بل إنها مسؤولة عن هذا التعقيد في القضية الفلسطينية؛ لأنها لم تقم بتنفيذ بنود اتفاقية أوسلو، وبالتالي لم تنسحب من الأراضي الفلسطينية، وتهرّبت من مفاوضات الحل النهائي، وهذا التهرّب، مع ما رافقه من صمت فلسطيني من جهة، وانقسام فلسطيني من جهة أخرى، أدى إلى عرقلة عملية السلام في فلسطين. لقد وُقعت اتفاقيات السلام برعاية دولية، ولهذا، على الرعاة، ومن بينهم الولايات المتحدة الأمريكية العمل على تطبيق بنودها، وتحقيق السلام في أكثر المناطق اشتعالاً في العالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"