محطات التميز

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

يمكنك أن تأخذ من الفن جسراً لتعبر إلى الضفة الأخرى وتصل سريعاً إلى الضوء فتحسب أنك صرت أنت الحكاية وأنت الشهرة وأنت النجم الذي لا يسقط أبداً. ويحصل أن يراك الجمهور وربما يتحدث عنك ويتابع أخبارك، لكنه يكشف معدنك ويضعك حيث تستحق، فهو يعرف كيف يبقى وفياً للأصيل وللفن الحقيقي.
دائماً هناك من يسعى خلف الشهرة ولا يملك من الموهبة سوى القشور. ووسط الزحام الدرامي في رمضان يحسب هؤلاء أنه من السهل ملء ساعات البث بأي مسلسل وأي أداء، وتتكرر الحكايات وتدور الأعمال في ساقية تعكرت مياهها لكثرة تعفن الأفكار فيها، ناهيك عن الإخراج التقليدي والحوار المستهلك والأداء «الواحد» الذي حفظناه عن ظهر غيب لكثرة ما يكرره هذا الممثل أو تلك الممثلة.
كثيرة الأعمال لكنه لا يصعب أبداً اختيار الأفضل من بينها والاقتناع به والاستمتاع بمشاهدته. «الاختيار٢» هو الرقم واحد ويحلق في مكان عال جداً، ومخرجه بيتر ميمي يستحق جائزة على براعته ودقته في اختيار الموسيقى والدمج بين المشاهد التمثيلية وتلك الأرشيفية الحقيقية وإدخال لقطات من الجزء الأول بالثاني دون أن تلاحظ الفرق أو يختل التوازن.
في الفكرة والتأليف نتحدث عن الأكثر تميزاً والفكرة الجديدة التي غرد مؤلفها خارج كل سرب، مثل «خلي بالك من زيزي» الذي تناول قضية لم نشاهدها أو نسمع عنها في الدراما ولا السينما العربية من قبل، ADHD والأزمات النفسية والسلوكية التي يعاني منها كثير من الناس. فكرة منى الشيمي التي كتبت السيناريو والحوار مع مجدي أمين.
الكاتب عبد الرحيم كمال تألق مرتين هذا الموسم، في «القاهرة كابول» و«نجيب زاهي زركش». في العملين خرج عن المألوف، ولعل الأكثر تميزاً اجتماعياً هي فكرة طرح قضية «الأبوة» بهذا الشكل المنطقي الذي حاكى العقل والقلب في آن. إنها «عودة الأب الضال»، رائع الحوار المتناغم مع أداء يحيى الفخراني، يبدو كأنه هو الطفل وابنه هو الأب. ورائعة رؤية شادي الفخراني خصوصاً في مشهد قرار التوبة والصلاة التي جمعت بين طريف (محمد محمود المتألق بالشخصية) ونجيب (الفخراني).
المؤلف والمخرج تامر محسن هو أيضاً فاجأ الجمهور بقصة صارت حديث وسائل التواصل ودخلنا جميعاً في دوامة «لعبة نيوتن»، لدرجة أن كثيراً من المتابعين تفاعلوا على «تويتر» و«انستجرام» بشكل لافت مع الشخصيات الثلاث الرئيسية: «هنا» منى زكي، و«حازم» محمد ممدوح، و«مؤنس» محمد فرّاج.
 هنا موجودة في كل المجتمعات، امرأة مهزوزة من داخلها لأن زوجها ووالدتها وكل من حولها تحكموا بها فشعرت بالضعف والتردد، ثم قررت أن تثبت لهم جميعاً أنها قوية وقادرة على اتخاذ القرارات الصحيحة، وسارت في طريق العند والكبرياء. وبلغ تفاعل الجمهور حد تقديم النصائح لهنا وحازم ماذا يفعلان وماذا يقولان! مسلسل لا يشبه إلا نفسه. وللحديث بقية مع محطات التميز هذا الموسم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"