المتتبع لمواقع التواصل، يشهد عاملاً مشتركاً بين الذين يقدمون محتوى غريباً، وهو البحث عن الشهرة بأي طريقة، ومهما يكن الثمن، حتى لو قدم تنازلات، أو أساء إلى نفسه، أو اختلق قصة من وحي خياله، فالهدف أن يصبح مشهوراً.
الشهرة أصبحت هدفاً يسعى له كثُر، في ظل ما ينالونه من امتيازات، بعد أن يصبح لديه متابعون كثر، ويصنف في قائمة المشهورين ومؤثري مواقع التواصل، حتى اختلط الأمر بين المؤثر الإيجابي والمؤثر السلبي، والكل باتوا في المنزلة نفسها، وقد يتفوق المؤثر الذي يقدم محتوى من دون قيمة على صاحب الفكر والقيمة.
العالم الرقمي، ومواقع التواصل، بات المسيطر على حياتنا، وما يطرح في تلك المنصات، صار يؤثر في جيل كامل، ويغرس قيماً جديدة، ويغير من السلوك والأخلاق، ويسهم، كذلك، في تغيير أفكار الشباب وطموحاتهم؛ فالشهرة هدف يسعى إليه كثُر، ولقب «مؤثر» بات طموحاً لهؤلاء.
مواكبة التغيرات أمر مطلوب، واتباع كل جديد ضرورة، وإتقان مهارات منصات التواصل، لا بد منه، فحياتنا اليومية قائمة على ذلك، لكننا بحاجة إلى صناعة جيل قادر على تسخير تلك المنصات لفائدتهم، وتدريبهم على الإلمام بتقنيات استخدام تلك المنصات بحرفية، للوصول إلى الفائدة التي يرجونها، دون اضطرارهم لتقديم محتوى تافه، والوصول للإسفاف من أجل الشهرة.
كثيراً ما تجد أن أهداف بعض الشباب تتمثل بالشهرة، والحصول على متابعين، لتفتح لهم أبواب الإعلانات، التي تنقلهم إلى عالم رحب من الربح السريع والسهل، فكل ما عليهم فعله هو الإعلان عن أي منتج يصلهم، ووصفه بطريقة مقنعة، ليقبل المتابعون على شرائه، حتى لو كان ذلك ادعاء.
التسويق والإعلان عالم قائم ذاته، واكتساب تلك المهارات مهم، وتشجيع الشباب على الالتحاق بتلك التخصصات الحيوية ضرورة، والأهم من ذلك تقديم تلك البرامج بطريقة عملية.
مواقع التواصل، كرست مفهوماً جديداً للشهرة، حتى أصبحت سهلة المنال لدى بعضهم، ولم تعد بحاجة إلى علم وتميز في مجال ما، أو ثقافة أو إتقان، لأنها باتت فارغة المحتوى، فقد حققها بعضهم ووصلوا إليها من دون أي إنجاز، لتتحول إلى هوس مرضى لدى آخرين، فتجدهم يسعون للوصول إلى الشهرة حتى لو كان على حساب انتهاك خصوصية منزله، أو خصوصية الآخرين، بتصوير مشاهد ونشرها، والتباهي بعدد المتابعين للمنشور، والكثير وصلوا إلى المحاكم نتيجة نشر صورة أو فيديو بهدف الشهرة، لكن العاقبة كانت وخيمة، وأوصلتهم للحبس.
الشهرة ليست عيباً، ومن حق كل موهوب أن يبرز مواهبه ونجاحاته، لكن لنجعلها وسيلة لتحقيق أهدافنا، وليست غاية نريد الوصول إليها مهما يكن الثمن.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
