أن نتعلم كيف نتعلم

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

لماذا يتندّر الناس عادة بتوضيح الواضحات؟ من الأمور التي تلوح سهلة وبديهية، ما يخفي بعداً فلسفياً. خذ هذه المقولة التي تبدو جملة ساذجة، لكنها جرت على لسان رئيس «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»: «إذا لم نتعلم كيف نتعلم، فويحنا إذ كيف نستطيع أن نعلّم؟»
من الذي استشهد بهذا القول؟ إنه ستانيسلاس دوهين، عالم العلوم العصبية والرياضيات، رئيس المجلس العلمي للتربية الوطنية في فرنسا، في محاضرة عن تعلّم التعلّم. خلاصتها ذكرها في حديث إذاعي. الدكتوراه التي حصل عليها في علم النفس، واندماجها في العلوم العصبية، جعلاه شديد العكوف على ضرورات التعلم منذ الطفولة.
الاكتشافات العلمية الحديثة تحصر اهتمامها في ثلاث مسائل: تحسين أداء الذاكرة، التركيز والنوم. عندئذ يتيسّر التعلّم الجيّد. القارئ يذكر أن القلم خصّص أكثر من عمود لرباعية كونفوشيوس التي يوصي بأن يتعلمها الطفل منذ سنّ الرابعة لاكتساب التركيز وتقويته: الخط، الرسم، الموسيقى والشطرنج. التركيز يمكن اكتسابه، فآفة التعلّم السهو. السهو عندنا مجلبة للويل:«الذين هم عن صلاتهم ساهون». بالمناسبة، يُروى أن أنس قال:«الحمدلله على أنه تعالى لم يقل:«في صلاتهم ساهون» لأن السهو في الصلاة عاديّ يحدث لكل الناس. تجنّب السهو يتحقق من خلال تنشيط نظام في الدماغ يسمّى«الانتباه التنفيذي». تأهيله المنتظم يدعم «ركائز» التركيز. من أهم الطرائق: توزيع التعلّم: ربع ساعة ثماني مرّات لمراجعة المادّة، خير من ساعتين معاً.هذا دعم للذاكرة ومنع لتشتيت الانتباه.
لا عتاب ولا شجن، لكن آباء كثيرين ينسون أن دماغ الطفل خارق عملاق. المأساة أن تنكبّ على جوّالك وتترك الصغير بلا كلام. التحدث إليه ثروة لغوية ومعلومات وعوالم للاكتشاف.«أنت وشطارتك». هل نسيت قول العرب منذ القديم«إن الحديث جانب من القِرى»(الضيافة)؟ بعد الجلسات الممتعة، علّموا أطفالكم أن النوم العميق الطويل مهمّ للتعلّم. في أثناء النوم يستمرّ الدماغ في العمل، مهمّته أهمّ، فهي ترسيخ ما تعلّمه طوال اليوم.
أمّا الأسوأ في البيت والمدرسة، فهو الأسلوب الفوقي التسلطيّ. التربية المستفيدة من العلوم العصبية تجاوزت هذه الممارسات، التي نتيجتها تماماً مثل ذلك الأب الذي ظل ساعة يُغرق ابنه بالنصائح، ثم سأله:هل فهمت يا بني؟ قال: 170 نملة دخلت هذا الثقب.
لزوم ما يلزم: النتيجة المعرفية: كل المعرفة قائمة على السؤال: أكثروا من الأسئلة والمسائل، ودعوا للطفل الجواب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"