البنوك العربية تتفوق على الجائحة

23:26 مساء
قراءة 3 دقائق

عدنان أحمد يوسف *
ذكرنا في مرات عديدة أن البنوك البحرينية والعربية عموماً حالها حال كافة البنوك في العالم، لا بد من أن تتأثر بجائحة كورونا نظراً للتأثير الواسع النطاق لهذه الجائحة في العملاء والمودعين والاقتصاد والأنشطة الاقتصادية. وقد أدى ذلك إلى تراجع الإيرادات وارتفاع المخصصات وارتفاع النفقات التشغيلية الناجمة عن الإجراءات الاحترازية وغيرها. 
ولذلك، فقد بادرت جميع البنوك المركزية إلى اتخاذ إجراءات لدعم البنوك مثل توفير نوافذ السيولة وخفض نسبة الاحتياطات وتأجيل رصد المخصصات بموجب المعايير المحاسبية الدولية وغيرها.
لكن ما يثير الارتياح في النفس ويعطي الطمأنينة بسلامة الأوضاع المالية للبنوك العربية عموماً، أننا لم نشهد أي حالة تعثر أو إعسار أو إفلاس بين هذه البنوك. بل العكس هو الصحيح. فقد برزت خلال الجائحة أدوار ومبادرات ريادية لبنوكنا الوطنية وبدعم كامل من مصرف البحرين المركزي والحكومة سواء على صعيد استدامة تقديم الخدمات المصرفية على مختلف أنواعها للعملاء والشركات والأنشطة الاقتصادية، أو على مستوى المساهمة في حماية الموظفين والعملاء والمجتمع، أو على مستوى مبادرات الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية. وقد شهدنا خاصة قفزات كبيرة في مجال الخدمات الابتكارية خاصة في مجال الصيرفة الرقمية وتقديم الخدمات المصرفية الإلكترونية والصيرفة المفتوحة التي ساهمت بشكل كبير في إدامة النشاط الاقتصادي. 
وقد أظهرت نتائج بنوك التجزئة المدرجة في بورصة البحرين، تراجع أرباحها بنسبة 22.5% لتصل إلى 293.1 مليون دينار، خلال فترة السنة المنتهية في 31 ديسمبر 2020، مقارنةً ب 378.1 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من العام 2019. وهذا التراجع كما ذكرنا أمر طبيعي في ظل ما شهدناه في العام 2020 من توقف أو تباطؤ النشاط الاقتصادي لعدة شهور، ولجوء البنوك لبناء المخصصات الاحتياطية الكبيرة تحسباً لأي طارئ أو تدهور في جودة الأصول.
وفيما يخص البنوك الخليجية، فقد أعلنت هذه البنوك وعددها 62 بنكاً مدرجاً في البورصات الخليجية عن تراجع أرباحها بنسب متفاوتة ومقاربة للانخفاضات التي شهدتها أرباح البنوك الوطنية بعد قيامها برصد مخصصات خسائر القروض بقيمة 20,3 مليار دولار في العام 2020 بزيادة كبيرة عن العام 2019. 
ومع ذلك فقد نمت أنشطة الإقراض لدى هذه البنوك، إذ بلغ إجمالي القروض (باستثناء البنوك الكويتية) 1.4 تريليون دولار بنمو ربع سنوي بلغت نسبته 1.1%. ووصلت الأصول المدرة للدخل إلى مستوى قياسي بلغ 2.1 تريليون دولار بنمو ربع سنوي بنسبة 1.6%. وقد أدى ذلك إلى تعزيز إجمالي قيمة أصول قطاع البنوك في المنطقة إلى مستوى قياسي جديد وصل إلى 2.6 تريليون دولار. وتبين كافة هذه المؤشرات أن البنوك الخليجية واصلت لعب دورها في توفير التمويلات والخدمات للأنشطة الاقتصادية جنباً إلى جنب مع قيامها باتخاذ الإجراءات الاحترازية والمخصصات التحوطية.
أما فيما يخص البنوك العربية، فإن بيانات اتحاد المصارف العربية تظهر أن إجمالي موجوداتها بلغ 3.9 تريليون دولار بنهاية الربع الثالث من 2020، بزيادة قدرها 4% عن العام 2019. في حين بلغ إجمالي الودائع 2.4 تريليون دولار فيما وصلت القروض إلى 2.3 تريليون دولار. ونتوقع أن يصل إجمالي الموجودات في البنوك العربية إلى 4 تريليونات دولار بنهاية 2020. وتمثل موجودات المصارف العربية نحو 145% من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العربي، مما يعكس مدى أهمية البنوك في برامج التنمية، وهو ما يلقي على عاتقها مسؤولية كبيرة في قيادة قاطرة التعافي الاقتصادي خلال المرحلة الراهنة والمرحلة المقبلة.
ونحن نتوقع أن تتحسن أوضاع البنوك المحلية والعربية تدريجياً خلال هذا العام والعام المقبل مع زيادة جهود التطعيم وبدء فتح الأنشطة الاقتصادية في المنطقة وحول العالم. في الوقت نفسه، فإن هذه البنوك مدركة تماماً لحجم التحديات الكبيرة المحيطة بأنشطتها والتي لا تقتصر على تواصل تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد والعملاء فحسب، بل وأيضاً البيئة الاقتصادية والاستثمارية العالمية التي تتسم بعدم اليقين لغاية اليوم. لكن بذات الوقت، تمتلك هذه البنوك الأساسيات المالية السليمة التي سوف تمكنها بعون الله من تجاوز هذه الفترة الصعبة ومواصلة تأدية خدماتها والنهوض بأعباء مسؤولياتها.
* رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً، رئيس جمعية مصارف البحرين

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"