طه حسين في السعودية

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

في العام 1955 قصد طه حسين المملكة العربية السعودية في زيارة عمل. كانت تلك زيارته الأولى إليها، ونحسب أنها اليتيمة، ففي حدود ما توفر لنا من معلومات، لم تلِها زيارة أخرى له للمملكة. المهمة التي أتى إليها العميد كانت رئاسة اجتماع اللجنة الثقافية التابعة لجامعة الدول العربية في دورتها التاسعة التي انعقدت في مدينة جدة، وكان مجيئه للسعودية حدثاً ثقافياً بامتياز، حظي باهتمام كبير من المثقفين والأدباء والصحافة السعودية، وكذلك من المسؤولين، حيث التقاه وزير المعارف يومها الأمير فهد بن عبد العزيز آل سعود.
الدارسون سيظلون ممتنين للكاتب السعودي محمد القشعمي الذي وثّق هذه الزيارة في كتاب ضخم، جمع فيه كل ما نشر حول وجود طه حسين في السعودية في الصحافة، وما أجري معه من لقاءات وما ألقاه من خطب وكلمات أثناء هذه الزيارة، كما ضمّنها أيضاً الدراسة الشهيرة التي كتبها طه حسين عن أدب الجزيرة العربية، التي نرجح أنه كتبها قبل زيارته هذه بنحو عشرين عاماً، فضلاً عن كتابات أخرى للعميد تتصل بالأدب السعودي.
لا أعلم لماذا شدّتني خاصة مقابلة قصيرة، مكثفة، حواها الكتاب، مع منبر إعلامي طلابي اسمه «منهل الطلبة»، نرجح أنه يدار من قبل طلبة كلية الآداب في إحدى جامعات السعودية، تدل على ذلك بساطة الأسئلة الموجهة إليه، لأنها آتية من شبان بالكاد يضعون أولى خطواتهم على دروب المعرفة والأدب، واللافت أن طه حسين لم يترفع عن الإجابة عن أسئلتهم وأظهر أريحية في الرد عليها.
من بين أسئلة «منهل الطلبة» سؤال يقول: «لكونك يا معالي الدكتور عميداً للأدب العربي، هل لنا أن نعرف مدى تتبعك للحركة الأدبية القائمة في بلادنا؟» وجاء جواب طه حسين كالتالي: «لستُ عميداً للأدب العربي أولاً، وإنما هو كلام يقال. أما تتبعي للنشاط الأدبي في البلاد السعودية فغير منتظم لأن الآثار التي تصدر في هذه البلاد لا تصل إلينا في مصر إلا نادراً، وقد يعرّض هذا لشيء غير قليل من الخطأ في الحكم عليها».
نحسب أن الجزء الأخير في جواب طه حسين ما يزال يصح على الحاضر، وإن بنسبة أقل، وهو ضعف معرفة البلاد العربية الأخرى بالمنتج الأدبي في الخليج، بسبب الخلل المتوارث في منظومة توزيع ونشر الكتاب على المستوى العربي عامة.
سؤال آخر طرحه السائلون على طه حسين عن أحب مؤلفاته إليه، فأجاب: «لا أحب شيئاً منها». وهذا ما نرغب في الوقوف عنده في حديث تالٍ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"