تعدّد الآراء في تعدّد الذكاء

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

هل من نظرية عربية في التربية والتعليم؟ علميّاً، البحث لا يقلّ أهمّية عن تحقق المأمول، فالبحوث تؤدي أحياناً إلى اكتشافات غير مقصودة لم تكن في الحسبان، وقد تكون أكبر من الهدف نفسه. البحوث التربوية إنسانية بطبيعتها. إذا ابتكر عالم تربوي في ميكرونيزيا، نظرية أو منهجاً جديداً في التدريس، استطاعت تطبيقه الشعوب في كل القارات. منهج سنغافورة في الرياضيات نموذجاً.
«نظرية الذكاءات المتعددة»، لعالم النفس الأمريكي هاورد جاردنر، فحصتها مجهرياً آلاف الدراسات والمقالات التحليلية والنقدية، لكن ينطبق عليها: «ما لا يُدرك كلّه، لا يُترك جلّه». انعدام كمالها واكتمالها وتكاملها لا يعني أن عدم وجودها أفضل، فمن دونها تظل قضايا كثيرة تبحث عن حلول. المشكلة هي أن معايير الاختبار والحكم على ذكاء الطلاب غير مقنعة دائماً. لمن لم يطلع على نظرية جاردنر، هو يرى أن للإنسان ثمانية أنواع من الذكاء، بينما تنحصر تقليدياً في ذكاءين، التواصل اللغوي، والتفكير المنطقي. الذكاءات الثمانية: اللغوي، الرياضي المنطقي، ذكاء معرفة الذات، ذكاء معرفة الآخرين، الذكاء الموسيقي والإيقاعي، الفضائي البصري (سباشيال فيجوال)، البدني والعضلي وذكاء علم الطبيعة. أهم الانتقادات الموجهة إلى النظرية، هو أنه لا وجود للبرهنة العلمية بالإحصاءات والفحوص على هذا التقسيم.
ذلك كلام معقول، لكن الأهم هو أن الأدلة كثيرة على أن أعداداً هائلة من الإخفاقات في الدراسة لا تعني خلوّ أصحابها من النبوغ والتألق في ميادين أخرى. ألا يكفي قول أينشتاين: «اطلب من السمكة أن تتسلق شجرة، وستعتقد طوال حياتها أنها غبية». أحد المربين الفرنسيين أضاف: «إن المدارس في طرائق الامتحان، تُخضع الفيل والسنجاب والسلحفاة والقرد والسمكة والأسد جميعاً لاختبار تسلق الشجرة». هل يكفي الاحتكام إلى نتائج الرياضيات والفيزياء إذا كان النبوغ سيظهر في الأدب أو كرة القدم؟ وماذا عن الأعداد الرديئة في اللغة وآدابها مقابل عبقرية في التأليف الموسيقي لاحقاً؟ كيف تستشرف المدرسة ضروب التألق الخارق في المال والأعمال؟ هل في إمكان أنظمة التربية والتعليم أن تحسب لكل تلك الفلتات حساباً، فلا تهمل أي ذكاء من الذكاءات؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الاكتشافية: الكشف الأعظم الذي ستحققه أنظمة التعليم إذا تحركت، هو أن تدرك كم من ملايين المواهب توأد بعدم الحرص على اكتشافها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"