الرغبة في العلم

23:07 مساء
قراءة دقيقتين

د.باسمة يونس

تعرف اللغة بأنها من الدعائم الأساسية للأدب، ويوصف الأدب بأنه من روافد النهوض باللغة. والأدب الراقي مهم في تدريس اللغة واللغة الرصينة ضرورة لتجويد الأدب، والمكسب الحقيقي للمتعلم من تجربة تعلم اللغة عبر الأدب، لا يتعلق بكون الأدب نفسه مصدراً لغوياً غنياً للمدخلات اللغوية وممارسة المهارات اللغوية أو فهم قواعد النحو والإملاء واكتساب مفردات جديدة فقط، بل بإدراك أهمية الترابط الجوهري بين ثلاثية اللغة والثقافة والنمو الشخصي، ما سيجعل من المنطقي جداً التفكير بأهمية تعليمهم مع بعضهم أي من خلال الوسيلة الأقدر على ذلك ألا وهي الأدب.

وتكمن قيمة الأدب الأساسية في تفرده بالمحتوى الثقافي الذي سيعلم الطلاب عدا عن التاريخ وتطوراته التحولات الاجتماعية والإنسانية والأعراف الاجتماعية والهوية وسياق ومعنى العبارات ويزودهم بالمفردات التي سيكتسبونها من خلال قراءة الشعر والسرد والتعاطي مع بقية الفنون الأدبية، كما سيسهل تفاعلهم مع النصوص استكشافهم قدراتهم ومواهبهم الكامنة وتطوير شخصياتهم واستقلاليتهم من خلال تعلم القيم الحقيقية لحياتهم.

وبالنظر إلى أن الأدب مبني على اللغة، فإنه يفتح الطريق لفهم المتعلمين الخاص للكلمات والعبارات ويدعم اعتبار القراءة ذات قيمة أعلى وأكثر أهمية لأنها توفر لهم الأدوات اللازمة للتواصل مع الموضوعات التي يتعلمونها بشكل أكثر فاعلية. ويأتي دور التنمية الشخصية في أن الأدب قادر على مساعدة الطلاب على فهم أنفسهم بشكل أفضل وتوسيع مداركهم حول كيفية التواصل مع العالم من حولهم بطريقة أعمق، ومن خلال استكشاف موضوعات لا تنتصر على الملل بتنوعها فقط، لكنها تثير تفكيرهم بالخيال الذي يمنح الواقع معاني أجمل.

ولم يؤخذ دور الأدب بعين الاعتبار في التعليم بسبب التركيز على تعليم مهارات القراءة والكتابة فقط، وحصر التفكير بتخصيص صناعة المناهج التعليمية بالفصل ما بين الثقافة والعلوم وهو ما أفقد الثانية كنزاً من المعارف ووسيلة لا مثيل لها في توفير الأفضلية نفسها في عالم اللغة والثقافة، فالأدب لا يكشف عن معلومات الأشخاص والتاريخ والكلمات والتعبيرات، ولكنه يكشف أيضًا حقائق أعمق عن الطبيعة البشرية تتجاوز حواجز اللغة بدون تجاهل أهميتها وقيمتها في تجويد الفكر والفعل.

لقد أثبت الأدب دائماً على أنه أداة رائعة للتعامل مع اللغة وثقافة المكان وبأنه يزيد مهارات الأفراد اللغوية ويوسع معارفهم ويمكن القول بأنه يعمل على تقريب الأفراد إلى اللغة والثقافة والعادات أكثر مما يفعله درس في الاجتماعيات وبأنه طريقة مثالية لتعلم القراءة والكتابة والتهجئة بشكل صحيح، وهو ما يستدعي الاهتمام بتقديمه كمعلم للغة وللحياة باعتباره محتوى جاذباً للمعلمين أولاً وهم الركائز الأساسية للتواصل مع الطلاب، ولأن الأدب الممتع يسهل عليهم تقريب طلبتهم من اللغة وبقية المعارف ويمكنهم من إدراك أن الأدب ليس مجرداً، لكنه وعاء ثري ووسيلة للمعرفة تبقيهم على قيد الرغبة في المزيد من العلم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"