دروس من «كورونا»

00:27 صباحا
قراءة 3 دقائق

مهرة سعيد المهيري

ثمة الكثير من الدروس التي يمكن تعلمها من جائحة كورونا ونحن على أبواب الخروج من ضائقتها الصحية والنفسية والاجتماعية. هذه الدروس وإن كانت تخص الفرد، إلا أنها بالضرورة تمس المجتمع والدولة في العموم.

  اكتشف الإنسان أن أمن الفرد جزء من أمن الكل، وثبت قطعياً أن المال والسلطة والقوة ليست ضمانة لحمايتك أو حماية أسرتك. مع هذا الاكتشاف ستتغير الأولويات ليس فقط للفرد، وإنما أيضا للدول، إذ تبين أن التقدم العلمي الرهيب لا يحمي الدول إن لم تستثمر في صحة كل مواطنيها.

  من الدروس المستفادة من أزمة كورونا هو أهمية تفعيل العمل بروح الفريق الواحد من جانب جميع التخصصات في كل المواقع، أما من حيث آلية اتخاذ القرارات المتعلقة بالصحة، فقد انتقلت إلى أعلى المستويات ،وهو ما يضع وزارة الصحة أمام تحد كبير. وكيف يمكن أن نحافظ على المكتسبات ونحمي مواردنا المالية والبشرية، ونعيد ترتيب أولوياتنا الوطنية، ونعيد تشغيل اقتصادنا، وكيف نحافظ على الحياة الكريمة لمواطنينا والمقيمين على أرضنا.

  واذا تطرقنا لبعض التخصصات والتي لاحظنا خلال الجائحة استمرار عملها عن بعد، فقد يكون الأفضل السماح لبعض الفئات بمواصلة العمل عن بعد، مثالاً على ذلك: السماح لذوي الاحتياجات الخاصة لمن لا يستطيع الحضور أو لا تتوفر بقربه مدرسة مناسبة ومهيأة لوجوده، بالالتحاق بالتعليم عن بعد لكل الصفوف، مع تطوير آلية تكفل حق التعليم والتعلم تحت إشراف معلمين. والأمهات من العاملات اللاتي يربين أطفالاً دون سن العاشرة بأن يستمر عملها عن بعد حتى بعد الجائحة.

  العمل عن بعد، هو إعادة توزيع للموارد البشرية، لو أحسنا توظيف الفكرة بشكل صحيح. فثمة الكثير من الوقت الذي يمكن أن يوفر لدى فئات واسعة من الموظفين والعمال. ولعل من المهم تأكيد أن العمل عن بعد ليس شرطاً أن يكون خياراً كاملاً، بل الأفضل أن يوزع بشكل متوازن بين أيام الأسبوع للإبقاء على روح العمل الجماعي واللقاء وجهاً لوجه مع العاملين الآخرين لتبادل الآراء والإنصات وتوفير فرصة للعصف الذهني بما يخدم العمل.

الجائحة فرصة للنظر للبيئة بعين أكثر رأفة. فكل حركة بالسيارة أو إشغال لمساحات في مكاتب أو تشغيل لأجهزة هي عملية استهلاك للطاقة من الوقود بأشكاله المختلفة. حركة أقل، بيئة أنقى وأفضل.

    كما لاحظنا أن جائحة كورونا غيرت من مفهوم الترفيه والعلاقات الاجتماعية ونفقات الزواج وغير ذلك، وبالتالي بدّلت من مفهوم الإنفاق والتبذير، ولا شك أنها أظهرت أهمية تبني كل شخص لخطط ادخار وضرورة تأسيس ما يمكن أن نسميه صندوق طوارئ لأوقات الأزمات. نحن لدينا إسراف في تكاليف الحياة والكماليات، ونحتاج خطة لهندسة ثقافة جديدة للمجتمع.

  من الدروس المستفادة أيضاً، التخلي عن بعض العادات غير الصحيحة في حياتنا اليومية مثل المصافحة والتقبيل والحرص على النظافة والتعقيم وعدم مشاركة الأشياء الخاصة.

  ختاماً، الآن أدركنا كم هو الإنسان كائن ضعيف، وأن فيروساً لا يرى بالعين المجردة، قادر على أن ينهي حياته، وكذلك شعرنا بأهمية الأصدقاء والتجمعات الأسرية، وأن هناك عادات يومية كنا نظنها عادية تحولت إلى أمانٍ صعبة المنال. يكفي نعمة الأمان التي كانت تحوطنا، أن أقوم بكافة تعاملاتي اليومية دون خوف أو قلق، ففي كل يوم يصيبنا الذعر لمجرد أننا نتحسس أعراض الاشتباه، والتوتر الذي يعترينا بمجرد خروج أحد أفراد العائلة من المنزل. 

  يتوجب علينا دوماً التعلم من كل الأوقات الصعبة التي نعايشها، لاكتساب مهارات تُمكننا من تطوير أنفسنا، والتعرف إلى مكامن الخلل، وبإذن المولى سينحسر الوباء، وستعود الحياة لطبيعتها، لكن نحن لسنا كما كنا قبل الوباء، فقد تعلمنا الكثير من الدروس.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"