الإمارات والمسجد الأقصى

00:34 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

كانت القضية الفلسطينية، ولا تزال، القضية المحورية والمركزية للوطن العربي من شرقه إلى غربه، وفي القلب منه دولة الإمارات العربية المتحدة، لأنها قضية عدل، فهي قضية شعب عربي تم تهجيره قسراً وقهراً من أرضه ودياره. وقد كانت دولة الإمارات، مُمثلة في قادتها ومن خلفهم الشعب، فاعلة في جميع المواقف والقرارات التي اتخذتها جامعة الدول العربية والإجماع العربي، من أجل إثبات الحق الفلسطيني في أرض فلسطين.

 والواقع أن الدعم الإماراتي للقضية الفلسطينية لا يقف عند حدود الدعم السياسي في المحافل العربية والعالمية، على أهميته، بل يتعداه إلى تقديم مساعدات اقتصادية، بشكل مستمر، لمساعدة الشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة، وكذلك تقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين، في بلدان الشتات، على تجاوز الصعوبات التي يواجهونها. وتركزت هذه المساعدات على تنفيذ برامج ومشاريع تنموية وإنسانية وخيرية.

 وتنوعت المشاريع التي قدمتها دولة الإمارات للدولة الفلسطينية: ما بين مستشفيات وعيادات صحية، وإعادة إعمار بيوت هدمها الاحتلال، وكفالات أيتام وأسر محتاجة، وبناء مدارس ومساجد، وتوزيع مساعدات إغاثية عاجلة من مواد غذائية وملابس وأغطية وغيرها، لطالما أخذت طريقها براً وبحراً وجواً من الإمارات إلى الأراضي الفلسطينية. ومع تنامي المطامع الإسرائيلية في القدس لجعلها عاصمة للدولة العبرية، كان موقف الإمارات واضحاً في تصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتأكيده أهمية الحفاظ على الوضع القانوني لمدينة القدس وتأكيد هويتها، وذلك لما لمدينة القدس من منزلة خاصة في تاريخ البشرية، فهي من الناحية التاريخية من أقدم مدن العالم، ومن الناحية العقدية تعتبر مهوى أفئدة أكثر من نصف سكان الأرض من المسلمين والنصارى واليهود، ففيها الكثير من الأماكن المقدسة التي تهوي إليها أفئدتهم مهما تناءت المسافات. أما من الناحية الاستراتيجية فإن موقع القدس في قلب فلسطين يُكسبها أهمية خاصة، فهي أشبه بالقلب، تنطلق منه الشرايين لتغذي سائر أجزاء الجسد، فمنها تتفرع الطرق إلى رام الله ونابلس شرقاً، وبيت لحم والخليل غرباً، والبحر الأبيض المتوسط شمالاً، ومنطقة أريحا والأغوار جنوباً.

 أما من الناحية السياسية، فإن مشكلة القدس تعتبر من أعقد المشاكل السياسية في العصر الحديث، إذ استعصى حلها على جميع الأطراف المعنية، حيث إن نظرة المسلمين إلى بيت المقدس ترتكز على أساسٍ دينيّ، فهي أرض الأنبياء، وموطن الرسالات، ومسرى النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم. كما أنها أولى القبلتين.

 وفي يوم 2019/4/12 وقع الاختيار على القدس لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية وبمشاركة ما يقارب 60 موسيقياً وفناناً من مختلف أنحاء العالم. واختار الفلسطينيون الإعلان عن انطلاق الفعاليات من مدينة أريحا.

 وفي هذا الصدد، تبنت لجنة التراث العالمي التابعة «لليونسكو» في دورتها ال42، والتي انعقدت بالعاصمة البحرينية، قراراً يعتبر أن بلدة القدس القديمة وأسوارها من ضمن قائمة مواقع التراث العالمي المهددة بالخطر. وذكرت بأهمية هذه المطالبة القانونية الدولية بتنفيذ وتبني القرارات السابقة «لليونسكو» التي ينص عدد منها حرفياً على أن المسجد الأقصى، هو كامل الحرم الشريف، وأن حائط البراق، وباب الرحمة جزء لا يتجزأ من الأقصى، وأن الأقصى مكان عبادة خاص بالمسلمين. وتم تبني القرار بإجماع أعضاء التراث العالمي ال21 دولة، وباتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972، وبتوصيات اتفاقية اليونسكو في دلهي عام 1956، فيما يخص الحفريات في المناطق المحتلة، وبإدراج مدينة القدس القديمة وأسوارها، بناءً على طلب الأردن، في قائمة التراث العالمي.

 يؤكد التاريخ أن القدس مدينة عربية. ومن هذا المنطلق تأتي أهمية الحفاظ علىها بأحيائها التاريخية، ومنها حي الشيخ جراح الذي يتعرض ساكنوه من العرب للإجلاء القسري، خاصة بعد أن زوّد الأردن سكان هذا الحي من العرب بوثائق تثبت حقهم التاريخي في مسكنهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"