تداعيات في الترجمة

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين

كانت فكرة هذه المقالة فضولية نوعاً ما من خلال سؤال صغير: ما الكتّاب الأكثر في العالم الذين انشغلت بهم الترجمة إلى العربية؟ وهو سؤال صغير فعلاً، ولكنه يقودك إلى أفق ثقافي كبير، فالقارئ العربي الذي يعتمد على الترجمة من اللغات العالمية الحيّة إلى العربية مباشرة، أو من خلال لغة ثالثة وسيطة، كان قد عرف الأدب الروسي والكتاب الروس أكثر من أي بلد آخر في فترة ما كان يُسمى الاتحاد السوفييتي، بدءاً من الكتب العقائدية والفكرية الموجّهة، وانتهاء إلى الروايات والشعر والقصص. وكانت تلك الكتب في الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، تباع بأسعار رمزية تماماً مع أنها كانت مطبوعة طباعة «فاخرة»، سواء من حيث الأغلفة السميكة المغطّاة بقشرة غلافية ورقية، أو من حيث الورق الصقيل الثقيل، وخاصة الكتب الأيديولوجية.
انفتحت شهوات المترجمين العرب على تولستوي، ودوستوفسكي، ومكسيم جوركي، ورسول حمزاتوف، وجوجول، وأنطوان تشيخوف، وليرمنتوف، وغيرهم العشرات من الأدباء والأديبات الذين كان بعضهم يُنقل إلى العربية مباشرة عن الروسية، والبعض يُنقل إلى العربية عبر الإنجليزية أو الفرنسية.
في فترة من فترات عمر أو تاريخ الترجمة إلى العربية راح المترجمون العرب الذين يعرفون الفرنسية، خاصة اللبنانيين منهم، ينقلون الرواية والشعر من الأدب الفرنسي إلى العربية، ولعل من أبرز هؤلاء الناقلين للشعر الفرنسي إلى العربية، مباشرة، الشاعر اللبناني بول شاوول.
في فترة ترجمانية أخرى أو تالية إلى العربية شدّ المترجمون العرب رحالهم إلى اللغة الإسبانية أو إلى الروائيين والشعراء في أمريكا اللاتينية: ماركيز (رقم واحد)، ولوركا صاحب العشرات من الترجمات إلى العربية، ثم «النوبليين» اللاتينيين أو حملة الروح الكاريبية والإسبانية: إيزابيل الليندي، وجابرييلا مسترال، وأوكتافيو باث، وماريو فارجاس يوسا، ونيرودا، واستورياس، وغيرهم من شعراء وشاعرات ظهروا بعد هذا الصف «النوبلي» الأمريكي اللاتيني.
كل هؤلاء «كوم»، وشكسبير والخيّام وحدهما «كوم» آخر؛ أي بكلمة ثانية النقل المباشر من الإنجليزية والفارسية إلى العربية.
نُقلت رباعيات الخيام من الفارسية إلى العربية في أكثر من خمسين ترجمة من بينها بقلم شعراء معروفين في الذاكرة الشعرية العربية مثل أحمد رامي.
أما شكسبير فهو وحده حكاية ترجمانية؛ إن جازت العبارة. ومن أوائل ترجماته إلى العربية تلك التي أنجزها عبد الملك إبراهيم وإسكندر جرجس عام 1900، ثم بعد ذلك عدّ على أصابعك: جبرا إبراهيم جبرا، ولويس عوض، ومحمد عناني، وأحمد زكي أبو شادي، وخليل مطران، ود. مؤنس طه حسين، ابن طه حسين، وحسين أحمد أمين، ابن المفكر المصري أحمد أمين، ونقولا رزق الله، وعبد الرحمن زكي، وأنطوان مشاطي، وفاطمة موسى وغيرهم من الكتّاب المصريين.
نصيب الأسد في ترجمة شكسبير إلى العربية كان لأدباء ومفكرين ومثقفين مصريين، ولا عجب في ذلك، فالشعر والمسرح عمادان للثقافة العربية في مصر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"