ناقوس الخطر

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

خيارات محدودة أمام آلاف المهاجرين، فإما الموت بالقذائف والرصاص والجوع في بلدانهم، أو الغرق في البحار أثناء العبور إلى دول الملجأ، وفي حال النجاة يتم القبض عليهم وإسكانهم في ظروف غير آدمية، وفي أحيان أخرى يستعبدون ويباعون في أسواق «نخاسة»، كما يعامل الكثير من المهاجرين.

لا تهدأ وكالات الأنباء عن بث أخبار أصبحت «عادية» يتم المرور عليها مرور الكرام، عن سفن محملة بمئات المهاجرين غرقت في عرض البحر، وأضحى من على متنها في عداد المفقودين، ليعلن لاحقاً عن وفاة العشرات منهم، ومن يتمكن من العبور والوصول إلى السواحل الأوروبية فإنه يمنع من دخول الدولة الذاهب إليها، وأحياناً كثيرة يطول انتظارهم على متن سفن الإنقاذ قبل تسوية أوضاعهم. فالدول الأوروبية شددت إجراءاتها لمنع أفواج اللاجئين من دخولها؛ بل وسنت العديد منها قوانين القاسية. 

فمنظمة «سي آي» غير الحكومية دقت ناقوس الخطر مؤخراً، بعدما أعلنت أن سفينتها «سي-آي 4» انتظرت طويلاً (في حادثة ليست الأولى) في صقلية للحصول على إذن السلطات الإيطالية لإنزال 415 مهاجراً بينهم 150 قاصراً، تم إنقاذهم في البحر المتوسط، مطالبة «بيأس» معالجة هذه المشكلة وألا يكون أي حصار على سفن الإنقاذ وتوفير ملاذات آمنة للمهاجرين.

تزامن تصريح المنظمة مع ما نقلته صحيفة إيطالية عن مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي يلفا جوهانسون، قولها، إن المفوضية على اتصال مع دول الاتحاد لوضع نظام لإعادة توزيع المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا، إلى حين إقرار إصلاحات الاتحاد الأوروبي، كما أبدت استعدادها للتوصل إلى اتفاق جديد مع ليبيا وتونس يتعلق بالحد من الهجرة، وقطع الطرق أمامهم؛ إذ أشارت الأمم المتحدة إلى أن طرق الهجرة من هاتين الدولتين عبر المتوسط، تسجل أكبر عدد وفيات في العالم، وأحصت وفاة أكثر من 700 شخص في المتوسط بين مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، ومايو/أيار الجاري، مقارنة بنحو 1400 وفاة طوال عام 2020. كما كشفت إحصاءات أممية أنه من بداية السنة الحالية وحتى 16مايو/أيار الجاري، وصل أكثر من 13 ألف شخص عبر البحر إلى السواحل الإيطالية بطريقة غير قانونية، وهذا يمثل ضعف العدد، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، وبينهم 9 آلاف أبحروا من ليبيا.

اللاجئون الهاربون من الموت في بلدان حرمتهم من بديهيات حقوقهم، يلاقي معظمهم الموت أثناء العبور إلى ما يظنونه الحياة الرغيدة في دول أخرى، لكن سرعان ما تتبدد هذه الأحلام في ظل عالم يروج ل«الإنسانية» كمصطلح، دون تطبيق على الواقع. فالعالم الغربي المتمسك بما يسميه «حقوق الإنسان»، يحشد قواه ويجمع ميزانيات لإغلاق حدوده، دون وضع حلول لآلاف البشر الذين ينشدون بعض أمن أو غذاء.

العالم وعلى رأسه الأمم المتحدة أمام مسؤولية أخلاقية تقضي بالضغط على الدول الكبرى لحماية آلاف الأرواح، عبر إنهاء الحروب أولاً، ثم إيجاد صيغ توفر حياة كريمة لمن هاجر.. وإلا فإن التاريخ لن يرحم كل مقصّر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"