وقف النار لا يكفي

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

بعد عشرة أيام من المواجهات العسكرية الدامية بين قطاع غزة وإسرائيل، على خلفية ما حصل في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة من محاولات لطرد عشرات السكان العرب منه، وقيام المستوطنين بانتهاك حرمة المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار بعد جهود إقليمية ودولية.

كان وقف النار ضرورياً لوضع حد لآلة الحرب الإسرائيلية التي مارست أوسع عملية تدمير في القطاع طالت عشرات المباني السكنية والبنى التحية، وأوقعت خسائر بشرية فادحة، ورد الفصائل بإطلاق مئات الصواريخ على المستوطنات والمدن الإسرائيلية، وما تركته من تداعيات عسكرية وسياسية واجتماعية سلبية داخل إسرائيل، ستظهر نتائجها لاحقاً.

ولكي لا يكون وقف إطلاق النار مجرد هدنة تتبعها جولات عنف لاحقة قد تكون أشد عنفاً، وأكثر خطراً، خصوصاً إذا ما اتسع نطاقها في ما يتعدى قطاع غزة، لتشمل جبهات أخرى، فالمطلوب تحرك دولي عاجل لتحقيق جملة من الخطوات باتجاه إغلاق ملفات مستعصية أدت إلى ما أدت إليه في المواجهة الأخيرة، هذا إذا كانت هناك جدية في وقف دوامة العنف والتوصل إلى سلام دائم وعادل يحقق للشعب الفلسطيني شيئاً من حقوقه التاريخية في أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وكذلك حقه في تقرير المصير، ورفع الحصار عن قطاع غزة الذي طال أمده، ووضع حد لقوانين التمييز العنصري ضد العرب سكان ال48، وأهمها «قانون القومية» الإسرائيلي، وكلها قضايا عدل وحق يكفلها القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وتدعو إليها مبادرة السلام العربية لعام 2002.

هذه القضايا مجتمعة التي دأبت إسرائيل على التهرب من تنفيذها طوال 25 عاماً من المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، تشكل لب الصراع، وستبقى مثل الجمر تحت الرماد، يهدد بالاستعار في أية لحظة.

لذلك فوقف إطلاق النار الحالي ليس ضمانة لعدم تجدد المعارك بشل أعنف، بعدما أكدت المعارك الأخيرة أن القوة العسكرية الإسرائيلية المفرطة لم تُحقق أهدافها، وأن أية مواجهات مقبلة قد تكون آثارها السلبية على إسرائيل أسوأ، فيما يشعر الفلسطيني بأنه قادر على المواجهة ويستطيع تحمل تكاليفها ونتائجها، لأنه هو يعيش في ظل حصار قاسٍ في القطاع، وفي قبضة احتلال ظالم في الضفة الغربية يمارس بحقه وحق مقدساته الانتهاك المتواصل.

المطلوب لتجاوز كل هذه المخاوف والمخاطر، التحرك العاجل، وخصوصاً من جانب الولايات المتحدة الراعية الحقيقية لإسرائيل، والانخراط الإيجابي في الصراع العربي الإسرائيلي، بأن تمارس على تل أبيب أقسى الضغوط لحملها على القبول بالقرارات الدولية، إذا كانت جادة في التوصل إلى سلام في منطقة الشرق الأوسط، حيث بدا خلال الأيام القليلة الماضية أن إدارة الرئيس بايدن، فوجئت بهذه المواجهات؛ لأنها أعطت المنطقة مكاناً خلفياً في سياساتها الدولية التي ركزت على الخطرين الصيني والروسي.

المطلوب الآن وبشكل عاجل، هو الانطلاق من وقف النار نحو خطوات فعلية للحل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"