سيناريوهات إقليمية قادمة

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

في الوقت الذي يُنشر فيه هذا المقال، يكون وقف إطلاق النار دخل حيّز التنفيذ، لليوم الثالث، بين قطاع غزة وإسرائيل، وسيتواصل مع مرور الأيام التالية لوقف النار، الضجيج السياسي والإعلامي، وتبادل الاتهامات حول من بدأ الحرب أو من استهدف المدنيين، وقد يكون ضمن هذا الضجيج، اتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار، لأن الشروط التي سيتم التوصل إليها لن تعجب أحد الأطراف، أو سيوافق عليها مرغماً، إما لاستعادة الأنفاس، وإما للمراجعة وإعادة ترتيب الوضع وتقويمه من جديد. 
 لكن هذه المعركة التي وصفها معلقون كثيرون بالشرسة، لن تكون الأخيرة، وستتبعها معارك أخرى، قد تكون أكثر شراسة، والهدف، كما يبدو، من هذه المعارك، لن يكون الحسم، فالفصائل الفلسطينية لم تتمكن من الحسم، وإسرائيل، إضافة إلى صعوبة الحسم، فإنها لا تستطيع القضاء على الفصائل، وستبقى تشن بين فترة وأخرى حرباً لإيقاع المزيد من الضحايا، في إطار جر الفصائل في النهاية، إلى توقيع اتفاقية سلام أو صلح أو هدنة طويلة الأمد.
 كل ما تقدّم يشير إلى أن التوصل إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لن يكون قريباً أو في المدى المنظور، لأن الطرفين غير مستعدين حتى الآن لخوض غمار السلام، والطرف الفلسطيني يشمل السلطة الوطنية وقطاع غزة. وفي واقع الأمر، فإن العقبة، كما يبدو، لا تتمثل فقط في الفلسطينيين أو الإسرائيليين، بل في جهات أخرى إقليمية، حتى تحقق أهدافها الكثيرة، من بينها الاعتراف بها كقوة رئيسية في المنطقة، أما الأطراف الأخرى، وهي عالمية، فلم تقم بالدور المطلوب منها، إن كان من خلال مجلس الأمن، أو من خلال جهد فردي أو جماعي لإيجاد حل لمشكلة الشرق الأوسط المتمثلة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأكاد أجزم، أن سياسة الولايات المتحدة لا تهدف إلى التوصل إلى سلام بين الطرفين، ولكن إلى الإبقاء على الوضع الراهن كما هو، فتحافظ على تفوق إسرائيل العسكري من جهة، وتبقي قضية فلسطين كقضية تشغل الدول العربية وبعض الدول في منظمة التعاون الإسلامي، ومن خلال ذلك، فإنها تحقق أهدافاً كثيرة، منها، ديمومة السيادة بصفتها دولة عظمى راعية للسلام، والاستمرار في جعل الشرق الأوسط سوقاً مفتوحة لبيع الأسلحة، فلمن ستبيع الأسلحة لو قامت دولة فلسطينية على الأراضي التي احتُلت بعد حرب 67 وقبلت بها إسرائيل، ولمن ستبيع الأسلحة إذا ما ساد الوئام والتفاهم العلاقات مع إيران.
 ورغم ذلك، أرى أن واقع القضية الفلسطينية ما بعد حرب عيد الفطر 2021 لن يكون كما قبل هذا التاريخ، فالعالم كله أدرك خطورة استمرار عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وأدرك أنه قد يجر إلى حروب إقليمية إذا ما نشبت، لن يكون من السهل السيطرة عليها، فماذا لو شاركت الجبهة الشمالية في الحرب ضد إسرائيل؟ من المؤكد أن هذا التحالف سيوجع إسرائيل، لكن الأخيرة ستوسع الحرب، ما سيؤدي إلى فوضى عسكرية تتيح ظهور التطرف الديني من جديد، وبالتالي قد تسيطر بعض التنظيمات المتطرفة على أنظمة بعينها في المنطقة، وسيحشد العالم لمحاربة الإرهاب من جديد، وقد تختلف دوله بشأن الأولويات، وهكذا يبقى الصراع والفوضى متجذرين في المنطقة.. والحديث مفتوح، شأنه شأن السيناريوهات المقبلة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"