عادي
بسبب «المنخفض الهندي الموسمي»

الطقس ..حار إلى شديد الحرارة خلال الأشهر المقبلة

00:31 صباحا
قراءة 7 دقائق
1
1

تحقيق: عماد الدين خليل

تشهد دولة الإمارات ارتفاعاً في درجات الحرارة خلال أشهر الصيف، وبدأت بوادر الارتفاع بتسجيل أول أعلى درجة حرارة عظمى بالدولة خلال شهر مايو/ أيار الجاري 2021 والتي بلغت 49.6 درجة مئوية في سويحان بمدينة العين، وتشهد تلك الفترة موجات من التغيرات في درجات الحرارة ترتفع وتنخفض بشكل ملحوظ جداً؛ نتيجة تأثر الدولة بمنخفض حراري.
«الخليج» التقت بعدد من المتخصصين والخبراء والأطباء؛ للوقوف على توقعاتهم بشأن درجات الحرارة خلال فصل الصيف، وكيفية المحافظة على صحة وسلامة الجميع من التعرض للإنهاك الحراري وضربات الشمس، وكذلك كيفية المحافظة على البيئة.

في البداية، أكد المركز الوطني للأرصاد أن أشهر الصيف في الدولة ستكون حارة إلى شديدة الحرارة بوجه عام خلال فترات النهار ويرجع ذلك إلى تأثر الدولة في هذا الوقت من كل عام بامتداد المنخفض الهندي الموسمي الذي يعمل على رفع درجات الحرارة في المنطقة بشكل عام، وتكون زيادة ارتفاع درجات الحرارة على حسب الموقع من المنخفض أو بحسب اتجاهات الرياح المصاحبة لهذا المنخفض؛ حيث إنه إذا كانت الرياح المصاحبة للمنخفض الهندي الموسمي رياح شمالية غربية تكون رطبة وتصاحب الرياح رطوبة وتزداد تلك الرطوبة مع ارتفاع درجات الحرارة؛ ما يؤدي إلى شعور بارتفاع في درجات الحرارة بشكل أكثر، وإذا كانت الرياح جنوبية غربية تنتج رياحاً جافة تؤدي إلى ارتفاع شديد في درجات الحرارة بوجه عام.
ويضيف المركز: إن أول أعلى درجة حرارة عظمى سجلت في الدولة خلال شهر مايو/ أيار الجاري 2021 بلغت 49.6 درجة مئوية في سويحان بمدينة العين، موضحاً: إن شهر مايو/ أيار يعد مناخياً من الأشهر الانتقالية إلى فصل الصيف، وتشهد تلك الفترة موجات من التغيرات في درجات الحرارة، موضحاً: إن فصل الصيف يبدأ فعلياً في يونيو/حزيران ويوليو/تموز وينتهي خلال أغسطس/آب.
وحول أعلى درجات الحرارة التي سجلت في الأعوام السابقة على الدولة؛ يوضح المركز أن أعلى درجة حرارة عظمى سجلت في الدولة خلال أشهر الصيف كانت على اليَاسَات في أبوظبي وبلغت 52 درجة مئوية بتاريخ 17 يونيو/ حزيران عام 2010، كما سجلت أقل درجة حرارة صغرى خلال أشهر الصيف على ركنة بمدينة العين 14.1 درجة مئوية أول يونيو/ حزيران 2004.
ويوضح: إن هناك تنسيقاً كاملاً وخاصاً مع كافة الجهات في الدولة؛ لإطلاعهم على درجات الحرارة بعد عمليات الرصد التي تقوم بها محطات الرصد السطحية التابعة للمركز ويبلغ عددها 97 محطة سطحية ترصد درجات الحرارة في جميع أنحاء الدولة كل 15 دقيقة على مدار اليوم، إضافة إلى تخصيص نشرات تنبؤية بالأحوال الجوية يتم إرسالها لكافة الجهات المعنية والبلديات على مستوى الدولة.
وبالنسبة لعمليات «الاستمطار»، يؤكد المركز استمرار الطلعات الجوية؛ لتلقيح السحب خلال أشهر الصيف بمعدل ساعتين إلى ثلاث ساعات لكل طلعة جوية، تشمل أغلب المناطق في الدولة؛ لتحفيز السحب على سقوط كميات أكبر من الأمطار، لافتاً إلى أن عدد الطلعات الجوية التي تم تنفيذها منذ بداية العام الجاري ( 2021 ) بلغت 89 طلعة جوية.
ويوضح المركز: إن عمليات الاستمطار التي يقوم بها قسم العمليات التابع لإدارة الأرصاد الجوية، تستهدف جميع السحب القابلة والمطيعة لعمليات الاستمطار بغض النظر عن أماكن تواجدها على مستوى الدولة؛ حيث إن معظم السحب القابلة لعمليات الاستمطار تتواجد بكثرة وبتكرار أعلى على السلاسل الجبلية الشرقية، خاصة في فصل الصيف، وعلى مناطق متفرقة مثل المنطقة الغربية الداخلية والمناطق الشمالية والشرقية خاصة في فصل الشتاء والربيع، مشيراً إلى أن أعلى كمية أمطار سجلت خلال 24 ساعة في الصيف كانت على حميم في أبوظبي بتاريخ 14 أغسطس/ آب عام 2013 بلغت 67.4 ملم.
موجات حارة
ويقول إبراهيم الجروان الباحث الإماراتي في علوم الفلك والأرصاد الجوية، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك: إنه خلال الأسابيع الماضية شهدت الدولة ارتفاعاً في درجات الحرارة وصل إلى 50 درجة مئوية في بعض المناطق.
ويضيف: إن الدولة تشهد خلال الأشهر المقبلة عدة موجات حارة تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بمعدل لا يقل عن 4 أو 5 درجات مئوية عن المعدلات العامة بواقع 3 أو 4 أيام تتكرر كل أسبوعين أو ثلاثة؛ حيث تصل في المناطق البرية إلى 50 درجة مئوية، وفي المدن الرئيسية تتجاوز درجة الحرارة 45 درجة مئوية.
ويوضح: إن الجزء الأول من فصل الصيف ( يونيو ويوليو) سيشهد أجواء ساخنة وخلال شهر أغسطس تشهد الدولة عدة موجات حارة كما تكون السمة السائدة ارتفاع نسبة الرطوبة بشكل كبير.
ويحذر من احتمالية التعرض للاحتباس الحراري داخل السيارات المغلقة والمعرضة لأشعة الشمس بصورة مباشرة؛ حيث تصل درجة الحرارة بها إلى نحو 60 درجة إذا ما كانت درجة الحرارة خارجها 40 درجة مئوية، لافتاً إلى أنه خلال نصف ساعة فقط من تعرض السيارات لأشعة الشمس، ترفع درجة الحرارة داخل السيارة المغلقة والمعرضة للشمس المباشرة بوتيرة عالية خصوصاً خلال فترة الظهر لاسيما مع موجات الحرارة.
ويشير إلى أن الاحتباس الحراري قد يتسبب بأضرار صحية وإنهاك حراري قد يفضي إلى الموت، خاصة لفئة الأطفال إذا ما تركوا لفترة داخل المركبة وهي مغلقة، وخلال فترة الصيف التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة.
أمطار الصيف
بدورهم فسر باحثون في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، ظاهرة الأمطار غير المتوقعة في المناطق الصحراوية خلال فصل الصيف؛ حيث أوضحت الدكتورة ديانا فرنسيس، عالمة بحثية أولى ورئيسة مختبر العلوم الجيوفيزيائية والبيئية في جامعة خليفة إن عملية تطوير نظام الميزوسكيل الحراري في البيئات الجافة كدولة الإمارات تحتاج إلى مجموعة من العوامل على المستويين المحلي والإقليمي، والذي يشمل التقاء الرياح الشمالية والجنوبية عند مستوى منخفض من الغلاف الجوي ووجود منطقة منخفضة إلى جانب انخفاض كبيرة بدرجة الحرارة بين المنطقة المعنية بالدراسة والبحار المحيطة بها.
وتوضح: إن نظام الميزوسكيل للنقل الحراري هو مجموعة الرياح التي تتحرك في نظام واحد، وتسبب درجة حرارة الطقس خلال النهار ارتفاعاً في درجة حرارتها، إضافة لاحتوائها على كميات وفيرة من الرطوبة، ما يعزز مستوى كثافتها ويؤهلها لإنتاج الأمطار في ساعات المساء المتأخرة، وتتكون تلك الرياح في المناطق المدارية من العالم، خاصة في فصل الصيف، وخلال مرحلة ضعف الرياح وتلاشيها، تترك وراءها دوامة ميزوسكيل الحرارية، وهي نظام يقوم بسحب الرياح في حركة دائرية معاكسة لاتجاه عقارب الساعة وبذلك تصبح عاملاً محفزاً للمزيد من الرياح.
طلاب المدارس
وتقول رشا علي المدفعي، مديرة قسم المدارس المستدامة البيئة في قطاع إدارة المعلومات والعلوم والتوعية البيئية في هيئة البيئة – أبوظبي، إن الهيئة أطلقت مبادرة المدارس المستدامة عام 2009 كمبادرة شاملة موجهة للطالب والمعلمين وأولياء الأمور والإداريين وربطهم جميعاً بالمجتمع وإشراك المدارس المشاركة في مراجعة أثرها البيئي، ووضع أهداف عملية ملموسة للتصدي لذلك الأثر، وبناء قدرات أعضاء هيئة التدريس للنهوض بالأعباء الإرشادية، والتوجيهية للتعليم البيئي من خلال الدورات التدريبية للطلاب، إضافة إلى تعريف الطلاب بتأثيراتهم اليومية على البيئة من خلال معرفتهم بكميات موارد المياه المستهلكة وكمية إنتاج النفايات وأثر تلك الممارسات في البيئة وكيفية المحافظة عليها.
وحول توعية الطلاب بالمحافظة على صحتهم خلال فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تضيف: إنه تم توفير موقع إلكتروني لطلاب 152 مدرسة من الحلقة الأولى والثالثة في إمارة أبوظبي؛ للاطلاع على طبيعة الطقس؛ من حيث الغبار وارتفاع الحرارة وزيادة الرطوبة وتقديم إرشادات الوقاية والسلامة والإجراءات اللازم اتباعها خلال تلك الأحوال منها: أهمية شرب المياه الكافية واستخدام واقي الشمس حين التعرض لأشعة الشمس والتنبيه عليهم بعدم الخروج خلال وقت الظهيرة للمحافظة على صحتهم وسلامتهم.
وتضيف: إن المكون الثاني من المبادرة يتمثل في «النوادي البيئية» والتي تهدف إلى تعزيز وتمكين الطلاب من توعية المجتمع وأولياء أمورهم على قضايا مختلفة منها التغير المناخي وجودة الهواء من خلال التثقيف والتوعية والتعليمات والمصادر التي توفرها الهيئة من خلال تلك النوادي. وتشير إلى أن هناك تعليمات خاصة؛ نظراً لجائحة كوفيد  19 يتم تزويد الطلاب بها وفقاً للإجراءات الاحترازية المتبعة من الجهات الصحية؛ للحد من انتشار الفيروس؛ وتشجيع الطلاب على اتباعها للمحافظة على صحتهم وسلامتهم.
الاحتباس الحراري
ويقول عماد سعد، خبير الاستدامة والمسؤولية المجتمعية في أبوظبي: إن ارتفاع حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضية يرجع لعدة أسباب أهمها ما تسمى بغازات الاحتباس الحراري؛ وهي: ثاني أكسيد الكربون (CO2)، والميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N2O)، والهيدروكلوروفلوروكربونات (HCFCs)، والهيدروفلوروكربونات (HFCs) والأوزون في الطبقة السفلى من الغلاف الجوي، لافتاً إلى أن الاحتباس الحراري يؤثر سلباً في منظومة الحياة بكل أشكالها.
ويشير إلى أنه في عام 2018 وصلت مستويات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي المسببة للتغير المناخي إلى مستوى قياسي بلغ 407 أجزاء في المليون بالقياس مع المعدل الطبيعي 350 جزءاً بالمليون؛ هذا الاتجاه يعني أن الأجيال القادمة ستواجه آثاراً متزايدة الخطورة لتغير المناخ، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة، وطقس أكثر تطرفاً، إضافة إلى إجهاد مائي، وارتفاع في مستوى سطح البحر، واختلالات في النظم الإيكولوجية البحرية والبرية.
ويضيف خبير الاستدامة: إن من أهم الخيارات المتاحة حالياً للتأقلم مع الوضع؛ هي التخفيف من الانبعاثات الضارة من خلال إيجاد مصادر طاقة بديلة، والتقليل من استعمال وسائل النقل وغيرها من مسببات انبعاث الغازات السامة، كما وتمت مناقشة استخدام هندسة المناخ لتكون حلاً للاحتباس الحراري الأمثل، إلى جانب إعادة التدوير، والتقليل من استخدام مكيف الهواء، واستخدام المصابيح الموفرة للطاقة، والمزيد من الحلول ما تزال قيد النقاش. 

الصورة
1

ضربات الشمس

يحذر الدكتور وائل محمد إبراهيم، المدير الطبي بأحد مستشفيات أبوظبي، من الإنهاك الحراري والتعرض لأشعة الشمس؛ نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة خلال الأيام المقبلة بالتزامن مع فصل الصيف لافتاً إلى أن التعرض لأشعة الشمس لساعات طويلة قد يؤدي إلى الإصابة بضربات شمس، قد تكون قاتلة في حال عدم السيطرة عليها مباشرة، لما تسببه من ضرر وتلف في الدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى.
ويشدد على ضرورة عدم ترك الأطفال في السيارة خلال فترة الظهيرة؛ نظراً لارتفاع درجة الحرارة بها أوقات النهار، وعدم السماح للأطفال باللعب تحت أشعة الشمس خاصة في الشواطئ والمسابح وتأكيد اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية، وارتداء الألبسة الخاصة، بما فيها النظارات الشمسية؛ لتفادي جفاف العين وتجنب أشعة الشمس الضارة.
وعن الوقاية من ضربات الشمس والإنهاك الحراري، ينصح بالإكثار من شرب السوائل؛ للحماية من الأمراض الناجمة عن التعرض للحر وتفادي حدوث الجفاف، داعياً إلى اتباع مجموعة من الاحتياطات؛ لتجنب الإصابة بالأمراض، نتيجة ارتفاع الحرارة والتعرض للشمس، منها المحافظة على ترطيب الجسم وارتداء الملابس الخفيفة، وأخذ حمام بشكل منتظم خلال النهار والابتعاد عن التعرض للشمس خلال ساعات الذروة من 10 صباحاً حتى 4 عصراً، وتناول الطعام الصحي.
ويوضح: إن ضربة الشمس من أخطر الأمراض الناتجة عن التعرض للحرارة الشديدة، وكثيراً ما تأتي بعد ممارسة الأعمال الثقيلة لفترات طويلة في بيئات عمل شديدة الحرارة مع تناول كميات غير كافية من السوائل، ما يجعل ضربة الشمس حادة، وتهدد الحياة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"