بلينكن والمهمة الصعبة

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

على الرغم من أن الشرق الأوسط والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تحديداً، لم يكن ضمن أولويات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حتى اندلاع الحرب الأخيرة قبل نحو ثلاثة أسابيع، إلا أن واشنطن سرعان ما وجدت نفسها منخرطة في قلب الصراع، ومضطرة لإرسال وزير خارجيتها أنتوني بلينكن إلى المنطقة في مهمة تبدو صعبة، ولكن ليست مستحيلة، لدعم التهدئة وبحث سبل إيصال المساعدات، واستكشاف آفاق إحياء مفاوضات التسوية.
في المنطقة، يراهن الكثيرون على الدور الأمريكي في دعم تثبيت التهدئة أولاً، ومنع اندلاع القتال مجدداً، ثم الانتقال إلى الخطوة التالية ثانياً، وهي إحياء المسار السياسي والبحث عن تسوية سياسية للصراع. ومن غير المشكوك فيه، أن الشق الأول المتعلق بوقف إطلاق النار والذي تحملت القاهرة مسؤولية الإشراف عليه ومراقبته، بما يؤكد أهمية دور مصر المحوري في المنطقة بعدما تراجع في السنوات الأخيرة لأسباب كثيرة ومتعددة، ويؤهل القاهرة للعب أدوار مهمة لاحقاً، باعتبارها الأكثر تأثيراً في الإقليم في البناء على وقف إطلاق النار والانتقال لفتح ملف المسار السياسي. وهو ما يؤكده التحرك النشط للدبلوماسية المصرية الذي تزامن مع وصول بلينكن إلى المنطقة، خصوصاً لجهة تنسيق المواقف مع الأردن والسلطة الفلسطينية، بموازاة التحرك الأمني مع الفصائل في قطاع غزة ومع الجانب الإسرائيلي في تل أبيب. لكن الرغبة المصرية الواضحة في تحقيق تقدم على هذا الصعيد يقابلها نوع من الغموض لدى الجانب الأمريكي، وهي ربما تتلاقى أكثر مع الموقف الأوروبي الذي يدعم بقوة فتح المسار السياسي والبحث عن حل نهائي للصراع. فالتصريحات الصادرة عن الخارجية الأمريكية عشية جولة بلينكن، لم تشر صراحة إلى المفاوضات وعملية السلام، بقدر ما ركزت على تثبيت الهدنة وكيفية إيصال المساعدات إلى قطاع غزة، من دون مرورها عبر حركة «حماس»، وهناك تقارير كثيرة تشير إلى أن واشنطن تريد حصر المساعدات بالسلطة الفلسطينية، لتقوية دورها أولاً، ولضمان عدم استخدام «حماس» للمساعدات في إعادة بناء ترسانتها العسكرية واللوجستية.
الرئيس الأمريكي كان واضحاً، في هذا المجال، عندما أكد أن إرسال المساعدات سيتم بطريقة يستفيد منها الناس وليس «حماس»، لكن بايدن لا يزال يوحي بإشارات خجولة عن ملف المفاوضات وإحياء عملية السلام، التي يبدو أنها لا تزال مؤجلة وفق أجندته. وبالتالي فإن بلينكن سيجد صعوبة في قصر مهمته على تعزيز التهدئة والمساعدات، في وقت تبدو العملية السياسية أكثر من ملحة لدول المنطقة. 
وفي المقلب الآخر، إذا كانت مصر قادرة على ضبط الملف الفلسطيني في غزة، فإن التقييمات لا تزال جارية في الجانب الإسرائيلي بشأن الحرب الأخيرة وتداعياتها ومن يتحمل مسؤولية الإخفاق والفشل في إدارتها، وبالتالي هناك خشية من العودة إلى قعقعة السلاح وهدير الطائرات وإطلاق الصواريخ، حيث لن يكون بمقدور مصر حينها منع الفصائل من الرد، ما يعني عودة الجميع إلى المربع الأول بكل ما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على الإقليم والمنطقة والعالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"