عادي

القبائل الإفريقية.. الغوص في ثقافات خارجة عن المألوف

21:25 مساء
قراءة 5 دقائق
شعب السامبورو وطقوس مميزة
الطراز المعاري لبيوت شاكالاند مسقط رأس الملك شاكا
نساء السامبورو حليقات الرأس وفقاً لثقافتهن
أفراد من الماساي يختبرون رقصة القفز
ثقافة رقص خاصة لسكان مملكة الزولو2
منازل نديبيلي الجنوبية، لوحة أخاذة
زخارف إفريقية مصنوعة من الخرز الملون
فنون النحت على الصخر لشعب سان
ثقافة رقص خاصة لسكان مملكة الزولو
الصيد هي الحرفة الأساسية لشعب سان

إعداد: هشام مدخنة

من السهل زيارة إفريقيا والاستمتاع بمناخها الجميل وطبيعتها الساحرة، وتميل البرامج السياحية في الغالب إلى التركيز على رحلات السفاري ومشهد الحياة البرية هناك. ولا يقترب العديد من المسافرين بما يكفي لرؤية قرية محلية أو الاختلاط بسكانها الأصليين، وتجربة بعض ثقافاتهم وتقاليدهم اليومية المختلفة والمميزة في آن واحد.

تضم القارة الإفريقية أكثر من خمسين دولة وحوالي 1.3 مليار شخص. وهناك ما يقدر بنحو ثلاثة آلاف قبيلة، تتحدث أكثر من ألفي لغة مختلفة، ولكل منها أسلوبها الخاص ومظهرها وثقافتها. من الرؤوس الحليقة إلى الضفائر المعقدة، والملابس ذات الألوان الزاهية إلى المجوهرات التقليدية المرصعة بالخرز. وهذه ليست سوى بعض الميزات المتنوعة للقبائل الإفريقية. فالقدوم إلى القارة السمراء دون مقابلة شعبها سيفوّت جزءاً كبيراً من الأسباب التي تجعل هذه الرقعة الجغرافية من الأرض فريدة من نوعها بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

إن مجرد النقاش بتعريف كلمة «القبيلة» سيشغل بلا شك رواد الأنثروبولوجيا الاجتماعية، أو علم دراسة السلوك الاجتماعي للإنسان، لعدة أيام. والمفهوم عموماً أن القبيلة هي مجتمع من الأشخاص الذين يتشاركون نفس الثقافة واللغة والتقاليد والأيديولوجيا. وللغوص أكثر في أعماق هذه الكلمة، تابع القراءة لتعلم القليل عن بعض القبائل الإفريقية الشهيرة والتي باستطاعتك زيارة معاقلها في رحلتك القادمة.

قبيلة سان

يُعد شعب «سان» من أقدم القبائل والمجموعات العرقية في العالم، وربما يكون أول من سكن صحراء كالهاري في إفريقيا الجنوبية. ويوجد اليوم ما يقرب من 100 ألف نسمة من نسلهم منتشرون في دول بوتسوانا وناميبيا وأنجولا وجنوب إفريقيا. ويُعرف شعب سان، والذي يسمى أيضاً باسم «بوشمن»، بصوت النقر الفريد الذي يصدره عند التحدث.

يعيش شعب سان في مستعمرات متناثرة ويعتمدون على الصيد وجمع الثمار، وهم ماهرون جداً في تتبع الفريسة والإيقاع بها، مما يساعدهم على البقاء على قيد الحياة في ظل الحياة الطبيعية المقفرة والتي لا ترحم داخل صحاري إفريقيا الجنوبية، وأحواض الملح الشاسعة.

ويوفر قضاء بعض الوقت معهم نظرة ثاقبة عن ثقافتهم ومهاراتهم الفريدة. كما يمكنهم أن يوضحوا لك كيفية صنع مصائد الحيوانات، والعثور على الجذور والدرنات. وتراهم يرتدون ملابس خفيفة، مع أقواس وسهام متدلية على أكتافهم، يمشون أمامك وتتبعهم، ولا يمكنك إلا أن تشعر بالرهبة من حجم معرفتهم الوثيقة بالأرض التي يعيشون عليها.

كان شعب السان من أعظم الفنانين في إفريقيا، وكانوا مسؤولين عن نحت الكهوف والصخور الموجود في جميع أنحاء المنطقة، والتي يعود تاريخ بعضها إلى آلاف السنين. واستخدموا أصباغاً مصنوعة من المعادن والطين والبيض والدم لرسم صور أيقونية للصيادين وفرائس مختلفة، وتتميز رسوماتهم بالدقة المتناهية والتناسق الهندسي الرائع والتعبير الرمزي المتقن.

قبيلة الزولو

هي أكبر قبيلة في جنوب إفريقيا، وواحدة من أكبر القبائل في القارة عموماً. إذ يبلغ عدد سكانها حوالي 12 مليون نسمة. و«الزولو» هم مجموعة من القبائل الإفريقية المشهورة بخصائصها القتالية. هاجروا جنوباً منذ قرون، ووجدوا موطناً لهم في إقليم كوازولو ناتال، على ساحل المحيط الهندي بجنوب إفريقيا. وفي أوائل القرن التاسع عشر، توحدت القبائل تحت اسم «الزولو»، وقادهم الملك شاكا، وحوّل تنظيماتهم القبلية المتفرقة إلى إمبراطورية هائلة ذات سمعة مخيفة لا يزال معترف بها حتى اليوم.

وعلى بعد 160 كم شمال مدينة ديربان، تقع قرية «شاكالاند»، مسقط رأس الملك الأسطوري شاكا، وهي نصب تذكاري حي لثقافة الزولو، يأتيها الناس من جميع أنحاء العالم لتجربة نمط الحياة والنظام الاجتماعي والثقافة الغنية لأمة الزولو. ولا تكتمل زيارة جنوب إفريقيا بدون زيارة هذا المعلم الثقافي المهم. مع عروض الحرف المحلية، ومهارات البناء، والفخار، والتخمير، وفنون الرقص، والموسيقى. كما تشتهر قبيلة الزولو على وجه الخصوص بزخارفها المصنوعة من الخرز، مع حبات ملونة زاهية منسوجة في أنماط وزخارف معقدة للغاية ورمزية في نفس الوقت.

قبيلة الماساي

يمكن القول إن «الماساي» هي أكثر القبائل شهرة في إفريقيا، وهم مجموعة عرقية نيلية تعيش على طول الأخدود الإفريقي العظيم في كينيا وتنزانيا. حيث توجد العديد من الحدائق الشهيرة، ورحلات السفاري الممتعة. وعلى الرغم من ضغوط العالم الحديث، حارب الماساي للحفاظ على أسلوب حياتهم وعلى ثقافتهم وتقاليدهم، من الأذن المثقوبة إلى الزخارف الملونة، وشرب دم البقر الممزوج بالحليب لاعتقادهم بأنه مفيد جداً للمناعة. وخلال أي رحلة في شرق إفريقيا لا بد أن تصادفهم وتشهد بعض تقاليدهم التاريخية، بما في ذلك رقصة القفز لإظهار البراعة واللياقة لجذب أفضل عروس.

تقدم بعض الرحلات الترفيهية نزهات بصحبة أفراد من الماساي، وهي فرصة جيدة للاستمتاع بالحياة البرية من مقياس سكانها الأصليين، وقضاء المزيد من الوقت مع هؤلاء الأشخاص الودودين والمسالمين.

قبيلة سامبورو

تعيش قبيلة «سامبورو» في شمال ووسط كينيا، وهم على ارتباط وثيق بشعب الماساي. و«السامبورو» من الرعاة شبه الرحّل، وتُعتبر الماشية ذات أهمية قصوى وفي المقام الأول بالنسبة لثقافتهم وطريقة حياتهم، إضافة إلى الرقص. وتعني كلمة سامبورو «الفراشة»، وتشير أيضاً إلى العديد من الزخارف الملونة.

ويرتدي الرجال أقمشة سوداء أو وردية بأسلوب التنورة الاسكتلندية، إضافة إلى أغطية الرأس، والخلاخيل، والأساور والقلائد، والضفائر الطويلة.

أما النساء فهن حليقات الرأس، ويرتدين القماش الأزرق أو الأرجواني.

وما يميز السامبورو عن غيرهم هو البنية الاجتماعية وحكم الشيخوخة، فكبار السن هم من يتخذون جميع القرارات، كما تؤول القيادة لأقدم أعضاء المجتمع، ولهم القول الفصل في جميع الأمور المتعلقة بالقبيلة.

وتعتبر «سامبورو» واحدة من القبائل الإفريقية القلائل التي لا تزال تعيش وفقاً للتقاليد والعادات القديمة، مما يجعلها مقصداً ممتعاً وتجربة لا تُنسى.

قبيلة نديبيلي الجنوبية

يُعد شعب «نديبيلي» أحد المجموعات العرقية في الجنوب الإفريقي، ومن بين المتحدثين باللغة النجونية. وبينما يتشاركون بعض المفردات اللغوية مع الزولو، فإن لديهم ثقافة ومعتقدات فريدة تميزهم عن المجموعات العرقية الإفريقية الأخرى. وما يجعل شعب «نديبيلي» فريداً حقاً هو أسلوبهم الفني الخاص، ليس فقط من خلال الملابس والزينة، ولكن من خلال المنازل المزخرفة بأنماط هندسية مدهشة مليئة بالألوان الزاهية. وعلى الرغم من احتفاظ شعب نديبيلي الحديث بالكثير من عاداتهم القديمة، فقد أثر التحضر على أنماط ثقافتهم التقليدية. ويعمل العديد من رجال نديبيلي الآن في المدن أو المناجم.

آداب زيارة قبيلة إفريقية

إذا كنت مهتماً بمعرفة المزيد عن القبائل الإفريقية وتجربة أسلوب حياتهم، فإن السياحة الحديثة جعلت ذلك ممكناً. ويمكن للعديد من شركات رحلات السفاري تضمين زيارات إلى القرى القبلية في مسار رحلتك الخاصة. وإذا قررت تجربة الثقافة الإفريقية المحلية بهذه الطريقة، فمن الجيد اتباع بعض قواعد الآداب والسلوك الأساسية وأهمها، أن تعلم بأنك ضيف في بلد شخص آخر وداخل قريته أو منزله، وأن تحترم جميع الأشخاص وعاداتهم أيضاً. وتذكر، ليس كل ما سوف تصادفه سيكون حسب ذوقك، ولا تضع افتراضات حول ما تراه، وحاول بدلاً من ذلك طرح الأسئلة على مرشدك السياحي أو على مضيفيك مباشرة. وفي حال كان هناك رقص وغناء، فلا تتردد في الانضمام للمجموعة. وبخصوص التقاط الصور التذكارية، عليك الاستئذان قبل القيام بذلك، صحيح أنه في معظم الأحيان يكون التقاط الصور أمراً جيداً ومتوقعاً، ولكن ولا ضير من أخذ الإذن مسبقاً.

تنظر الثقافات المختلفة إلى الوقت بشكل مختلف، لذلك ركز على اللحظة والأشخاص الذين تتواجد معهم بدلاً من الجدول الزمني، فالأشخاص والتجارب في الحاضر أكثر قيمة من مواعيد المستقبل. وتذكر أن معظم هؤلاء الأشخاص هم أناس ودودن لذلك حاول رسم الابتسامة على وجهك بشكل دائم، وكن لطيفاً مع كل من تقابله مهما كانت الظروف المحيطة بالرحلة.

نعيش اليوم في عصر رائع، حيث السفر العالمي سريع وسهل نسبياً. ولست مضطراً لأن تكون عالم أنثروبولوجيا لكي تتمكن من زيارة هذه القبائل الإفريقية الساحرة، وتصنع ذكريات تدوم مدى الحياة. لذلك لا تقرأ فقط عن الثقافات الإفريقية الغنية، تعال وخض التجربة بنفسك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"