عم حسن

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

ينتهي الموسم الرمضاني وتنتهي المنافسة، لكنك تودع المميز من المسلسلات على مضض، وتبقى بعض الشخصيات حيّة فيك، تلازمك كأنها اخترقتك وسكنت فيك. ذاكرتك تعيد عرض شريط مواقفها وكلماتها وانفعالاتها أمامك في أي وقت، وبلا مناسبة.
من تلك الشخصيات التي تمنينا أن يطول وجودها على الشاشة، كما تمنينا أن نجدها أو ما يشبهها في كل المسلسلات، «عم حسن» في المسلسل الذي أحببنا أداء كل الممثلين فيه «القاهرة-كابول».
«عم حسن» تواءم جداً مع النجم نبيل الحلفاوي، لدرجة أنه يخيل إليك أن الحلفاوي هو في الحقيقة عم حسن، الرجل الحكيم الصبور المثقف الرومانسي الواقعي. في كل موقف في المسلسل كنا ننتظر حكمة عم حسن وما سيقوله لهؤلاء الشباب في المقهى، وتشرّبنا منه جرعات من الأمل لدرجة أننا كنا ننتظر إطلالته كلما لاح خطر ما في العمل، وكلما أخطأ أحدهم، أو تصرف عن جهل وطيش، أو كلما تأزمت الأمور واشتد الحزن.
الشعر، اللغة العربية، الأدب، الأخلاق، الفن الأصيل، الحب، الحرية، الوطنية، السياسة، التاريخ، التراث، كيف جمعتها كلها يا عبدالرحيم كمال في رجل واحد يعلو ويهبط ويتماوج مع الحياة بهذا الجمال، وهذه السلاسة والبساطة؟ كيف جعلتها يا نبيل الحلفاوي شخصية حقيقية جداً، صادقة جداً، مؤثرة جداً، بكل ملامحك وانفعالاتك ونبرة صوتك ونظرة، عينيك وحتى رعشة يديك؟ دائماً يبهرنا نبيل الحلفاوي، ويؤكد أن في جعبته الكثير ليقدمه للفن وللجمهور. وللكاتب عبدالرحيم كمال أسلوب خاص جداً في كتابة الدراما، وفي «القاهرة - كابول» تفنن في الكتابة ليغوص في أعماق روح كل شخصية، ويجعلها تنطق بكل جوارحها ومشاعرها، وساعده في استكمال لوحة الجمال أداء الممثلين من نبيل الحلفاوي إلى طارق لطفي وفتحي عبدالوهاب وحنان مطاوع وشيرين وخالد الصاوي. فعلاً كانت مباراة في الأداء. والمخرج حسام علي صنع مسلسلاً بحرفية عالية، لن نمل من تكرار مشاهدته، وسيكون من الأعمال الخالدة والتي سننصح كل الأجيال اللاحقة بمشاهدته.
ماذا فعلت بنا يا عم حسن؟ كم نحتاج إلى أمثالك في الدراما. نستدعيك في المواقف الصعبة، ونستعير منك الصبر والحكمة، ونتأمل الكلمات والمواقف والمعاني. نعم، الشخصيات المميزة لا تغيب عن بالنا، ولا تقف أمامنا لأداء دور ثم ترحل، لذلك لا تستهينوا برسم الشخصيات على الورق، وبما تنطق به أمام الجمهور، فهي تصير الرفيق الملازم للناس، لذلك نتمنى أن يستوعب كل صناع الدراما ذلك، ويعيدوا للمسلسلات جمالها ورقيّها، وعم حسن خير نموذج.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"