هل تعيق اللوائح التنظيمية الابتكار؟

تشتهر أوروبا عموماً بقوانينها التنظيمية الصارمة، وغالباً ما يُلقى باللوم على ذلك في كبح جماح الابتكار وإعاقة الأعمال التقنية في المملكة المتحدة وسائر بلدان القارة.
ويعتبر القانون العام لحماية البيانات، الذي وضع نهجاً توجيهياً للبيانات الشخصية، بمثابة تحول جذري في العناوين الأساسية، مع فرض غرامات باهظة وصل صداها جميع أنحاء العالم.
في المملكة المتحدة تحديداً، هناك لائحة قواعد طويلة للاعبين التقنيين، تجعل من التنظيم أمراً مهماً وليس بالضرورة أن يكون سيئاً. وعلى مر السنين، اكتسبت المملكة المتحدة سمعة طيبة لوجود قواعد حكيمة ونظام ترخيصي مدروس. وقد حذت العديد من أسواق الاتصالات الأخرى حذوها وطبقت نهجها الذي سبق نهج الاتحاد الأوروبي الحالي نفسه.
إن خضنا في مجال التكنولوجيا المالية، فالمملكة المتحدة كانت ولا تزال نشطة بشكل خاص ورائدة في سنّ أطر الحماية التنظيمية التي تسمح باختبار العروض الجديدة في السوق وتقديم الدعم في بيئة تعاونية. وقد أثمر هذا النهج واقتفته دول أخرى.
ونظراً لرقمنة المزيد والمزيد من المستهلكين والشركات وعملهم، يحتاج صانعو السياسات إلى معالجة التحول الدراماتيكي في السلوكيات. فقد أحدث تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء تأثيراً هائلاً، ومع ذلك يُساء إلى اليوم فهم العواقب. فجاءت اللوائح التنظيمية لتعزز ثقة المستهلك وتبنيها، الأمر الذي خلق أرضية خصبة للابتكار والإبداع.
من المعروف أن النهج الحالي أتى كردّ فعل مهم، وسياسة مدفوعة بالتحقيقات في أعمال العديد من عمالقة التكنولوجيا. ويجب تكون المملكة المتحدة قادرة على الحفاظ على نهج مدروس لتنظيم اللاعبين الراسخين هؤلاء، مع ضرورة تبني طريقة للاعتراف بالمنافسين الجدد، وتشجيعهم، ومكافأة أولئك الذين يقتحمون سوقاً شديدة المنافسة يهيمن عليها حفنة من القادة الأقوياء.
عندما نقوم بتقييم قدرة المملكة المتحدة على جذب الابتكار، فإننا نميل إلى مقارنة أنفسنا بالولايات المتحدة. وهذه مقارنة صعبة بالنظر إلى حجم السوق المحلية الأمريكية. كما أن هناك عاملاً إضافياً يلعب دوره بالنسبة للمملكة المتحدة، وهو التجزئة النسبية للسوق الأوروبية ككل. فقد تجد شركة تكنولوجيا يتم إطلاقها في المملكة المتحدة (أو إحدى الدول الأعضاء في الكتلة) أن النهج التنظيمي يمكن إدارته، ولكن عند التطلع إلى التوسع عبر السوق الأوروبية سوف تحتاج إلى معالجة ليس فقط العادات واللغات المختلفة، بل الاختلافات التنظيمية أيضاً.
ونظراً للتجزئة المذكورة أعلاه والتأثير المتغير للتكنولوجيا على حياتنا اليومية، تحتاج المملكة المتحدة إلى مواكبة فرق التنظيم والسياسات التي تتمتع بموارد جيدة ومنفتحة على الحوار من أجل تحقيق نهج مدروس ومستنير للتنظيم، مما يتناسب مع ثقة المستثمرين في البلاد ويدفعها للأعلى.
«سيتي إيه إم»