الكل تحت المراقبة

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

فضيحة تجسس جديدة، والولايات المتحدة بطلتها هذه المرة أيضاً، والضحايا عدد من المسؤولين الأوروبيين كذلك.
 لا أصدقاء ولا حلفاء خارج دائرة التجسس، الكل مستهدف طالما يتعلق الأمر بالأمن القومي والمصالح العليا، السياسية والاقتصادية والعسكرية.
 وأفاد تقرير نشر، أمس الأول الأحد، لإذاعة «دنماركس» بأن جهاز استخبارات دنماركي تعاون مع وكالة الأمن القومي الأمريكية في جمع معلومات طالت مسؤولين من ألمانيا وفرنسا والسويد والنرويج، من بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزير الخارجية الألمانية السابق فرانك فالتر شتانماير، والقيادي في المعارضة آنذاك بير شتاينبروك.
 وكانت وكالة الأمن القومي الأمريكية تملك إمكانية الاطلاع على رسائل الهواتف الجوالة والمكالمات الهاتفية ورسائل الإنترنت، بما في ذلك عمليات البحث وخدمات المحادثة، من خلال التنصت على كابلات الإنترنت الدنماركية، بمساعدة جهاز استخبارات الدفاع الدنماركية.
 وعملية التجسس الجديدة التي أطلق عليها «دنهامر»، تستكمل عمليات التجسس التي كشف عنها في عام 2013 المحلل السابق في الاستخبارات الأمريكية، إدوارد سنودن، الذي لجأ فيما بعد إلى روسيا، حيث أكد أن الاستخبارات الأمريكية كانت تتجسس على عدد من المسؤولين الأوروبيين، من بينهم ميركل، وعلى مقار رسمية للاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة وبروكسل، إضافة إلى فرنسا وإيطاليا واليونان ضمن 38 هدفاً راقبتها المخابرات الأمريكية.
 يومها أثار الإعلان عن عمليات التجسس هذه غضباً أوروبياً عارماً، وطالب العديد من القادة الأوروبيين الولايات المتحدة بتوضيحات «لأن أوروبا لا يمكن أن تقبل بهذا السلوك»، حسب قول الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، وقال ستيفن سايبرت، المتحدث باسم ميركل، إن على الولايات المتحدة «أن تعيد الثقة» مع حلفائها الأوروبيين، فيما رفض رئيس البرلمان الأوروبي آنذاك، مارتن شولتز، هذا التصرف، رافضاً «التعامل مع أوروبا كعدو».
 وكالعادة، نفت الولايات المتحدة أنها قامت بالتجسس، وهي ستكرر ذلك الآن، لأن اعترافها يعني أنها تضع الدول الحليفة في دائرة الاستهداف، لكن الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، وعد في تصريح له في الثاني من يوليو/ تموز 2013 بتقديم «كل المعلومات» للحلفاء الأوروبيين حول قضية التجسس التي أثارها سنودن الذي اتهمته الولايات المتحدة بالتآمر، وإفشاء معلومات سرية، وسرقة ممتلكات حكومية.
 وإذا كان أوباما وفى بوعده وقدّم ما يلزم من «معلومات»، أو لم يفِ، فلماذا تكرر المخابرات الأمريكية فعلتها؟
 يمكن فهم أن تقوم الولايات المتحدة بالتجسس على روسيا والصين، والدول الأخرى التي تبادلها العداء، أو أن تقوم هذه الدول بتجسس مضاد، انطلاقاً من مخاوف متبادلة للحصول على أسرار أو معلومات محددة، لكن لماذا تقوم المخابرات الأمريكية بالتجسس على دول أوروبية حليفة يضمها حلف عسكري، (الناتو)، ولديها قواعد عسكرية في أكثر من بلد أوروبي، إضافة إلى محطات استخبارية في العديد من المناطق الأوروبية؟
 من المرجح أن الولايات المتحدة لا تثق بأحد، حتى بأقرب حلفائها، طالما أن الأمر يتعلق بأمنها القومي.. الكل تحت المراقبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"