عادي

الحرف التقليدية البحرية.. مهنة وموهبة

23:43 مساء
قراءة دقيقتين

الشارقة: مها عادل

ارتبط ساحل البحر الممتد عبر الإمارات منذ قديم الأزل بالخير واليُمن على سكان المنطقة، الذين ارتبطت حياتهم به، وركبوا أمواجه وروضوها بحثاً عن التجارة وصيد اللؤلؤ والأسماك، وفي المتحف البحري بالشارقة تستطيع أن تسمع وترى القصة كاملة، قصة الإنسان الإماراتي الملهمة مع البحر وكيف ارتبطا معاً بعلاقة عشق وتعاون، وكيف نجح في ترويض العواصف والأخطار، ومخر عباب البحر بحثاً عن الرزق والازدهار، وطوّر حرفاً تراثية ومهناً تقليدية لا تزال ملامحها باقية وتتوارثها الأجيال.

ونظراً لموقع الإمارات الجغرافي وتعدد المناخات فيها، كان لابد من ظهور حرف ومهن ترمز لطبيعتها، حيث تتميز بيئة الدولة عن غيرها، بامتلاكها أربع بيئات متنوعة المناخ، أفرزت العديد من الحرفيين والمهنيين المتميزين، وهي: البيئة البحرية، الصحراوية، الريفية، والجبلية.

البيئة البحرية هي من البيئات القديمة التي عرفها أهل الإمارات لكونها متصلة بالبحر، ولعلها من أغنى البيئات لكونها أفرزت العديد من الحرف والمهن التقليدية المميزة، وكانت من البيئات الأولى التي عرفها إبن الإمارات لكونها ارتبطت بطرق الصيد والغوص لاستخراج اللؤلؤ والتجارة وصناعة السفن والقراقير وأدوات الصيد المختلفة، وغيرها من المهن الضرورية.

وما يميز البيئة البحرية هو تحوّل الكثير من أصحاب الحرف والمهن في البيئات الأخرى إليها، وما يبرز قيمتها أكثر، هو اهتمام المستعمر بها، وبما تخلفه هذه البيئة من خيرات، إضافة إلى دورها بتشجيع الهجرات الخارجية وتوافد تجار الدول القريبة على شواطئها وموانيها.

ويعتبر صيد السمك من المهن التقليدية القديمة التي لجأ إليها الإنسان لسد حاجته الأساسية منها، وإنعاش اقتصاده، حيث يعرف مجتمع الإمارات بالبحار الغنية بالخيرات التي تمتد بكل سواحل الدولة، وتشتهر بكثرة أنواع الأسماك وتنوعها، فراح إبن الإمارات يطور من أدوات صيده، ويبدع في توظيفها لمصلحته، ما ساعد على جلب الخير الوفير لذاته ومجتمعه واستلهم أدواته من البيئة البحرية المحيطة به والغنية بالمواد الأولية لقيام حرفته.

ولطالما كان صيد السمك من المهن الأبرز، والأساسية والباقية بالبيئة البحرية الإماراتية، واحترفها الكثيرون، وكانت مورد رزقهم، ومن أهم الحرف التي أفرزتها البيئة البحرية الثرية بالدولة. ويتضمن تراث الصيد في الإمارات الكثير من الأدوات والمهارات التي ما زالت مستخدمة إلى اليوم، رغم التقدم التكنولوجي الذي ترك بالطبع بصمته على حرفة الصيد، وساهم في تطوير نظم الصيد، ولكن أصل الحرفة التي يدركها «نواخذة» البحار القدماء، ولا يزال يحمل بصمة الأجداد الذين كانوا أدرى الناس بالبحر وطرق الصيد وأنواع الأسماك التي تسكن الأعماق، سواء تلك التي تستوطن مياه الإمارات طوال العام، مثل الشعري والصال والصافي والكوفر، أو الأنواع المهاجرة التي تتوافر بكثرة في بعض المواسم، مثل الكنعد الذي يكثر وجوده في فصل الشتاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"