القانون الأخلاقي غير مرئي

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين

في بعض الأحيان أتساءل عن القانون الذاتي الشخصي المتعلق بكل منا، عن حجمه وعمقه في نفس كل واحد، ولعل هذا يتقاطع بطريقة أو أخرى مع الضمير ويقظته. وفي كل الأحوال، سواء أكان قانوناً ذاتياً وشخصياً أو يقظة الضمير، يبقى التساؤل عنهما ومدى حجم حضورهما في واقع حياتنا اليومية وخلال تعاملاتنا، وتحديداً خلال الكتابة والمشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي التي أعتبر أنها أدخلت الكثير من العادات المغايرة لطبيعة الثوابت الحياتية التي عشناها ونعيشها.
تجد على هذه المواقع الكثير من المواد سواء صوتية أو مرئية أو مكتوبة، تحمل معلومات لا تقترب من الصواب والمصداقية بل إن فيها اختلاقاً لقصص خرافية ونشراً للشائعات والإساءة للكثير من المجتمعات والدول، وتشويه المنجزات والتنمية الناجحة والتقدم والتطور الحضاري، حتى وصلنا لمرحلة الحاجة الملحة لمراقبتها بكل ما تعني الكلمة. 
وعند القول بحتمية المراقبة، تظهر أصوات أخرى وكأنها تدافع عن الحرية في التعبير، وهنا تتضح عملية ضبابية في إدخال قيم ومبادئ نتفق على حيويتها وأهميتها، لتخدم عوامل هدامة، وتخدم ترك المجال الفضائي المعلوماتي متحرراً من أي ضبط أو رصد، وهنا تضيع حقوق الكثير من الناس، ويتم تشويه الصورة الشخصية، وتتم الإساءة مع ضمانة الحصانة من العقاب، وعدم الخوف من أي رادع. وكأننا نترك الأبواب مشرعة، ولا ضابط لها ولا راصد إلا الضمير الشخصي.
 وعندما نترك الساحة دون أن يكون للقانون الكلمة العليا، فهذا يعني العودة لعصور الظلام والقسوة والعنف، والملاحظة الجديرة بالتوقف عندها، أننا نلاحظ هذه القسوة والظلامية تنتشر على كثير من الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، وكأن التاريخ يعيد نفسه عندما ترك العنان للإنسان دون قانون، فإن الفوضى هي البديل. هذا هو المشاهد الآن، فوضى معلوماتية، يتداخل فيها الزيف والأكاذيب والتقليل من المنجزات تحت رايات حرية الكلمة والحرية المطلقة.
إيمانويل كانت، الفيلسوف الألماني الذي يعتبر آخر الفلاسفة المؤثرين في الثقافة الأوروبية الحديثة، قال: «فاعلية القانون الأخلاقي غير مرئية لعيون البشر، ولكنها تولد في الجنس البشري قوة الانتصار على الشر وتحقق للعالم السلام الأبدي». 
وحتى نجد ملامح للقانون الأخلاقي، ونموه وانتشاره، نحن بحاجة للقانون الاجتماعي، القانون العام، الذي يعود له الفضل في إقامة العدالة الاجتماعية وتنظيم الحقوق والواجبات، اليوم نحتاجه بشدة وبإلحاح لتكون له الكلمة العادلة والمنصفة فيما ينشر ويقال على مواقع التواصل الاجتماعي.

[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"