الأخلاق والقانون

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يمكننا أن نركن في تعاملاتنا ومختلف شؤون حياتنا إلى ما يسمى بالضمير أو الأخلاق، ونجعلها هي الركن والأساس الذي نبني عليه مصالحنا وحقوقنا المالية والاعتبارية تجاه الآخرين؟ هو سؤال أوجهه لكل واحد منا: هل تستطيع أن ترهن تعاملاتك المالية وحقوقك، وتجعلها دون توثيق رسمي أو دون أي دليل على حقك المالي، وتعتمد فقط على ضمير الآخر وأخلاقه؟ عندما تقرض أحدهم مبلغاً كبيراً من المال، هل تترك العنان لأخلاقه، أم أنك توثق هذه السلفة المالية بمستند يضمن عدم النسيان أو عدم التغير؟
ولنتحدث، بصفة عامة، عن مختلف التعاملات ولا نحصر الحديث في الجانب المادي، لنتحدث عن الاتفاقيات والحقوق المتبادلة في أي شأن، هل يمكن أن يكون إطارها الثقة المتبادلة دون توثيق؟ أو هل يمكن أن تكون ليقظة الضمير والقوة الأخلاقية الكلمة العليا دون أي مستند آخر؟ أترك لكم الإجابة، وأترك لكم التفكير، هل يمكن أن تؤجر شقة أو فيلا تملكها، دون كتابة عقد يوضح حقوقك المالية والاعتبارية وحقوق المستأجر؟ أو هل يمكن أن تتفق مع شركة لتقدم لك خدمة ما ولا تكتب معك أي اتفاقية وإنما تترك الأمر لضميرك؟ لعل الأمر يتحول تدريجياً للضحك والفكاهة إن تخيلنا أن الحياة تسير دون توثيق، دون مستندات وعقود وملكيات تنظم حقوق الناس والواجبات المنوطة بهم؛ ولو تخيلنا الحياة، دون كل هذه الوثائق، ودون كل هذه العقود، ودون كل تلك النظم والتشريعات، فإن البديل هو الفوضى بكل ما تعني الكلمة.
 والتساؤل هنا: أين هو الضمير؟ أين هي الأخلاق؟ هل هذا يعني أن الناس يعيشون دون ضمير، أو دون أي روابط أخلاقية؟ بالتأكيد، الناس فيهم خير كثير، ولكن تبقى الحقوق المالية والملكيات في حاجة لمستندات وعقود وصكوك ملكية، لأنها تدوم مع الزمن، لأنها ضد النسيان، ضد الندم والأسف، لو قمت بعقد صفقة مربحة، دون توثيق سيكون من السهل على الطرف الآخر التراجع وإعادة المبلغ لك بعد فترة من الزمن، وهنا تدب الفوضى والخلافات، سيكون هناك مليون شكل للعراك والخصام والتباين.
إيمانويل كانت، الفيلسوف الألماني الذي يعتبر آخر الفلاسفة المؤثرين في الثقافة الأوروبية الحديثة، قال: «في القانون الإنسان مذنب عندما ينتهك حقوق الآخرين، في الأخلاق مذنب إذا كان يفكر في القيام بذلك». في جزئية الأخلاق أعتقد أن البعض تجاوز التفكير.

[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"