د. محمد الصياد*
تعد باكستان من أكثر الدول النامية عرضةً لتأثيرات وتهديدات تغير المناخ. وهي تشمل ارتفاع وتيرة تقلبات الرياح الموسمية، وتراجع التأثير المحتمل لنهر الهيمالايا الجليدي على نظام تدفقات نهر السند، وانخفاض الطاقة الإجمالية للمياه. وقد صنّف مؤشر مخاطر المناخ العالمي 2020، الذي أصدرته في صورة تقرير، مؤسسة Germanwatch الفكرية والبحثية الألمانية المتخصصة في قضايا المناخ، في 15 يناير 2020، باكستان في المرتبة الخامسة بين أكثر البلدان تضرراً، بسبب الآثار السلبية لتغير المناخ.
وبناءً على دراستها لبيانات تغطي الفترة من عام 2000 إلى 2019، فإن البلاد تواجه خسائر في الأرواح بنسبة 0.3% لكل 100 ألف نسمة، و3.8 مليار دولار من الخسائر الاقتصادية، بسبب ظاهرة الفيضانات المتكررة والكوارث الناتجة عن تغير المناخ.
في أغسطس 2017، أي قبل حوالي ثلاث سنوات فقط، قررت باكستان وضع قضية تغير المناخ على رأس أولوياتها، فشكلت وزارة التغير المناخي ووضعت على رأسها وزير الدولة زرتاج جول، وخصصت لها ميزانية بلغت حوالي 5 ملايين دولار. وبعد حوالي شهرين من توليه منصب رئاسة الحكومة، وتحديداً في 8 أكتوبر 2018، أطلق عمران خان حركة باكستان الخضراء النظيفة، تضمنت «تسونامي» زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء البلاد في فترة خمس سنوات على أمل معاكسة عقود من إزالة الغابات.
وبالإضافة إلى باكستان، فإن البلدان المدرجة في قائمة الدول العشر الأكثر تضرراً من تغير المناخ، هي: بورتوريكو (1)، ميانمار (2)، هايتي (3)، الفلبين (4)، فيتنام (6)، بنجلاديش (7)، تايلاند (8) ونيبال (9) والدومينيكان (10).
لدى وزارة تغير المناخ الباكستانية، بالإضافة إلى إجمالي العاملين فيها البالغ 173 موظفاً، طاقم متخصص من العلماء والخبراء في مجال تغير المناخ. ويعمل هؤلاء العلماء في مركز دراسات تأثير المناخ العالمي GCISC، على تجميع حزمة معقدة من البيانات المتعلقة بالانبعاثات الصادرة من القطاعات الصناعية والنفطية والزراعية والحيوانية. وكان هذا المركز قد تأسس في مايو 2002 بمبادرة من الدكتور أشفق أحمد، المستشار الخاص لرئيس وزراء باكستان. وتم توفير الأموال الأولية لهذا المركز من قبل وزارة العلوم والتكنولوجيا الباكستانية.
يقول أحد كبار مسؤولي وزارة تغير المناخ الباكستانية، إن باكستان تسهم بأقل من 1% من الانبعاثات العالمية، ومع ذلك فإنها لم تتلقَّ أية مساعدة عالمية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن الاحتباس الحراري وتدهور البيئة. ومع ذلك، فقد بادرت الدولة، من تلقاء نفسها، للمساهمة في الجهد العالمي لحماية البيئة العالمية ومعالجة آثار تغير المناخ. وفي هذا الشهر (يونيو 2021)، ستحقق باكستان أول مليار هدف زراعي في إطار برنامج تسونامي العشر مليارات شجرة، وقد ركزت على أشجار المانجروف، حيث توسعت في زراعتها بنسبة 300% منذ أن بدأ الحفاظ عليها وتعظيم أعدادها على امتداد المناطق الساحلية. كما أعلن المساعد الخاص لرئيس الوزراء بشأن تغير المناخ، مالك أمين أسلم، عن إنشاء مليار مزرعة إضافية من أشجار المانجروف في إطار المشروع. فيما أطلق رئيس الوزراء عمران خان مبادرة المناطق المحمية التي تهدف إلى إنشاء 15 متنزهاً وطنياً تمتد على مساحة 7300 كيلومتر مربع؛ وتشمل جبال في المنطقة الشمالية، وغابات شجيرات في السهول، ومنطقة محمية بحرية في جنوب البلاد. وقد ساعدت الحزمة الخضراء Green Stimulus، البالغة 2400 مليار روبية باكستانية (حوالي 15.5 مليون دولار)، سكان المجتمعات المحلية، على تربية المشاتل وحماية الغابات وزراعة أشجار الزيتون والفاكهة وتوليد دخل بديل من خلال زراعة العسل.
* كاتب بحريني