سقوط «النهضة»

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

حال «حركة النهضة» التونسية هو حال كل جماعات الإسلام السياسي؛ لأنها خرجت من صلب جماعة «الإخوان» التي أسسها حسن البنا في مدينة الإسكندرية عام 1928، وهي تتخذ من الخطاب السياسي الديني أيديولوجية لها، وتعارض الدولة الوطنية ومؤسساتها، وتسعى إلى إقامة دولة دينية، مستندة في ذلك إلى فكر متطرف يُسوِّغ العنف وسيلة لهدم ركائز وبنى الدولة للوصول إلى السلطة.

توسلت «حركة النهضة»، الديمقراطية والانتخابات وسيلة للتمكين والوصول إلى السلطة، تماماً كما فعل «الإخوان» في مصر، ثم سقطوا سقوطاً مريعاً جراء تحالف تاريخي بين الشعب والقوات المسلحة عام 2013، جراء محاولتهم السطو على كل مفاصل الدولة، والعمل على «أخونة» المؤسسات، وإقصاء كل القوى السياسية التي شاركت في ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

 «حركة النهضة» سلكت نفس الطريق، بعد أن استخدمت الدين وسيلة لكسب تعاطف التونسيين، وقدمته كدواء شافٍ من كل العلل التي تعانيها تونس، وتمكنت من تقديم نفسها ملاكاً طاهراً، ثم ما لبث أن اكتشف التونسيون أنهم وقعوا ضحايا الكذب والزيف، حيث كان هدف «النهضة» هو السلطة، وإقامة دولة بمقاس «الإخوان» بعد التمكن من وضع اليد على المؤسسات، من دون أن يقدموا للشعب التونسي ما كان ينتظره من تنفيذ للوعود بالتخفيف من الأزمات المعيشية الخانقة التي يعيشها.

الآن وبعد انكشاف حقيقة «النهضة»، أدرك الشعب التونسي أنه وقع ضحية هذه الجماعة، التي لا تريد إلا السلطة فقط، وأنها باتت شريكة في تجويعه وإفقاره.

وعندما تؤكد استطلاعات الرأي الصادرة مؤخراً عن مؤسسة «سيغما كونساي»، أن 77% من الذين شملهم الاستطلاع أعلنوا عدم ثقتهم برئيس حركة النهضة (رئيس البرلمان) راشد الغنوشي، وأن 65% لا يثقون بالقيادي في حركة النهضة علي العريّض، وأن 64% لا يثقون بسيف الدين مخلوف رئيس كتلة ائتلاف الكرامة «الإسلاموي»، وأن 58% لا يثقون بنبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس» المتحالف مع النهضة.. عندما تتحدث هذه الأرقام عن مآل حركة النهضة والمتحالفين معها، فهذا يعني سقوطاً سياسياً وأخلاقياً لقوى تونسية ركبت حصان التغيير للتغرير بالتونسيين الذين اكتشفوا أنهم خدعوا، وهم يذوقون الآن مرارة منحهم ثقة لا يستحقونها؛ إذ أكد 75.7% من المشاركين في الاستطلاع، أنهم غير راضين عن الطريقة التي تدار بها البلاد، وهذا يعني أن من وصلوا إلى السلطة بعد ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 سقطوا في الامتحان الشعبي؛ لأنهم فشلوا في أن يكونوا ممثلين فعليين لثورة طالبت بالعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة؛ بل زادوا من بؤس الوطن والمواطن.

لعلنا نشهد في مقبل الأيام، وفي الانتخابات القادمة، ترجمة على الأرض لنتائج هذا الاستطلاع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"