عادي

تآكل العظام.. يُخرّب البنية الطبيعية

21:40 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

يصيب تآكل العظام أماكن متفرقة من الجسم مثل الكتفين والعمود الفقري والكاحل والركبة وغيرهما، ويؤدي إلى ضعف كثافة البنية الطبيعية وفقدانها بشكل بتدريجي، وتعرضها للكسور ومضاعفات أخرى شديدة، وتظهر هذه الحالة في مرحلة الطفولة على الأغلب، نتيجة اضطرابات في أساس العظام وضعف النمو، كما يلعب الاهتراء البشري عاملاً هاماً في الإصابة مع تقدم العمر أو لأصحاب الأوزان الزائدة، وفى السطور القادمة يتحدث الخبراء والاختصاصيون عن هذا المرض وطرق الوقاية والعلاج.

يقول الدكتور معن طباع استشاري جراحة العظام أن تآكل غضروف مفصل الكاحل ينجم عن الكسور المعقدة مع سوء التئام، والتي تؤثر في شكل العظام الموجودة في هذه المنطقة، وتؤدي إلى تخرب بنيتها الطبيعية وسوء وظيفتها، وكذلك اهتراء السطوح المفصلية من الاستعمال العادي للكاحل، بالإضافة إلى الاهتراء الطبيعي الذي يظهر بعد سن ال75، أو في وقت مبكر لمن يعانون من الأوزان الزائدة، أو نتيجة ضعف العضلات الناجم عن عدم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وبالإضافة إلى الأمراض الالتهابية مثل (الحمى الروماتيزمية، مشكلات المناعة الذاتية، الناعور) والأمراض الاستقلابية كالنقرس.

وسائل التشخيص

يوضح د.معن أن تشخيص تآكل غضروف الكاحل يتم عن طريق الكشف السريري وعمل صورة شعاعية بوضعية الوقوف مع الوزن فوق الكاحلين، لقياس درجة اهتراء السطوح الغضروفية، والكشف عن وجود انحراف في محاور الكاحل الأمامية والجانبية، وبالإضافة إلى بعض الاختبارات الأخرى مثل:-

- تحليل العوامل الالتهابية والاستقلابية والروماتيزمية في الدم.

- الرنين المغناطيسي للكشف عن احتمال وجود نخرة أو حفرة بالسطح الغضروفي للكاحل، أو وجود كيسات مصلية، أو آفات خلقية، أو التحام خلقي بين عظام القدم، أو تسمك في المحفظة المفصلية للكاحل.

- اختبار الجهد لفحص ثبات الأربطة لمعرفة سبب ظهور التآكل بشكل مبكر، وإصلاح عدم ثبات أربطة الكاحل بطريقة جراحية لتحسين أداء المفصل، وإطالة عمره.

أعراض متعددة

تظهر أعراض تآكل غضروف الكاحل على شكل آلام، وتورم وانتفاخ نتيجة تسمك الأغشية المغلفة للمفصل، أو زيادة السائل المصلي «الانصباب»، والتيبس، ونقص حركة المفصل من حيث الانعطاف الظهري، وكذلك الأخمصي، وضعف العضلات الشظوية والظنبوبية الأمامية والخلفية حول القدم والكاحل، وفى بعض الحالات يحتاج المرضى للاعتماد المفرط على الأدوية كمضادات الالتهاب، ما يترتب عليه التعرض لآثار جانبية وحدوث مضاعفات.

الصغار واليافعون

يذكر الدكتور سوريش مولاتوتي أخصائي جراحة العظام أن تآكل العظام هو عملية موضعية مرتبطة بفقدان الأنسجة المعدنية، وكسر في قشرة العظام، وتصيب هذه المشكلة المرضية الصغار نتيجة التهاب المفاصل الشبابي مجهول السبب، هشاشة العظام، اعتلال الفقار المفصلي عند اليافعين، الأورام الخبيثة، التهاب العظم والنقي، التهاب المفاصل الإنتاني والهيموفيلي، التهاب الفقار اللاصق عند الأطفال، وتعتمد الأعراض على العظام المصابة ويرافقها آلام أسفل الظهر والورك والقدم والكاحل، وصعوبة في المشي، وتستهدف هذه الحالة على الأكثر من لديهم تاريخ عائلي بالإصابة أو أصحاب الأمراض المزمنة كقصور الغدد التناسلية، اللوكيميا، الاضطرابات الروماتيزمية وداء كرون، وسوء التغذية، ونقص النشاط البدني، أو الذين يتناولون جرعات عالية من الأدوية المضادة للصرع.

فحوص واختبارات

يلفت د.سوريش إلى أن تآكل العظام عند الأطفال يمكن تشخيصه من خلال الكشف السريري والفحص البدني ومفصل النمو والتغذية، والاطلاع على التاريخ العائلي للإصابة، وعمل بعض الفحوص مثل: اختبارات الحركة والعضلات والوظائف، قياس كثافة المعادن في العظام، ونسبة الكالسيوم والفوسفات والفوسفاتيز القلوي، وهرمون جارات الدرق، ومستويات أوستيوكالسين، فويتامين «د» وإفراز معادن العظام في البول، والتصوير بالأشعة السينية لتقييم سمك القشرة.

تدابير الشفاء

يشير د.سوريش إلى أن تآكل العظام عند الأطفال يسبب العديد من المضاعفات مثل: الكسور المرضية، ضعف النمو، تقوس العمود الفقري أو «الجنف والحداب»، وتشوهات الصدر، وتتمثل الأهداف الأساسية لإدارة هذا المرض في الوقاية من الكسور، وخاصة التي تستهدف العمود الفقري، وتحسين الوظيفة والحركة والحد من الألم، أما هشاشة العظام الثانوية ففي الغالب تُشفى من تلقاء نفسها، ولكن مع تعزيز السلوكيات الصحية خلال سنوات بناء عظام الطفل، عن طريق الحفاظ على الوزن الصحي، ممارسة رياضة المشي وتمارين حمل الأثقال، والحصول على ما يكفي من الكالسيوم وفيتامين «د» من خلال الطعام والمكملات الغذائية، والتقليل من استخدام بعض الأدوية مثل الستيرويدات، وبالإضافة إلى حماية العمود الفقري والعظام من الإصابة بالتشوهات والكسور المرضية، والخضوع لجلسات العلاج الطبيعي لتحسين قوة العضلات وحركتها وإعادة تأهيلها.

إصابة البالغين

يشير الدكتور زين حسن أخصائي جراحة العظام إلى أن ترقق العظام يصيب البنية المجهرية ويتميز بفقد مترقي لكتلة العظم، ويؤدى إلى عدم التوازن بين فاعلية الخلايا البانية والكاسرة للعظم، ويستهدف من لديهم تاريخ عائلي بالمرض، وذوي البشرة البيضاء والعرق الآسيوي والنساء ما بين عمر 50 إلى 70 بمعدل 4 مرات أكثر من الرجال وخاصة بعد انقطاع الحيض، كما أنه شائع لدى الأشخاص الذين يعانون اضطراباً ونقصاً في هرمون الإستروجين، وفرط إفراز هرمون الثيروكسين أو الكورتيزول.

ويضيف: أما ترقق العظام الثانوي فيمكن أن يصيب جميع الأعمار في حال وجود بعض الأمراض كفرط نشاط جارات الدرق، وداء السكري من النمط الأول، التهاب المفاصل الرثياني وتناول الكورتيزون لفترة طويلة.

علامات مرضية

يلفت د.زين إلى أن ترقق العظام يعتبر من الأمراض الصامتة التي لا يرافقها أعراض ظاهرة، إلا في المراحل المتقدمة، وتكون على شكل آلام في العمود الفقري والزنار الكتفي والحوضي، وكسور انضغاطية عفوية في الفقرات، وفي المعصم وعنق الفخذ أثر رض بسيط، ويتم التشخيص عن طريق الصور الشعاعية البسيطة، للكشف عن بعض العلامات كترقق القشرة العظمية وفقد في العظم الإسفنجي ونقص ارتفاع الفقرات، وكذلك اختبار الشعاعي الأكثر دقة لقياس كثافة العظام، ويجرى عادة لقياس الفقرات القطنية وعنق الفخذ.

مضاعفات وعلاجات

يؤكد د.زين أن أبرز المضاعفات تتمثل في وجود علاقة مباشرة بين درجة ترقق العظام، وكسور الفقرات وعنق الفخذ ومعصم اليد، وهي تترافق عادة مع آلام في الظهر وحدب مترقي، وتبدأ السيطرة على تطور المرض عن طريق تعديل نمط الحياة قليل الحركة، واعتماد حمية غذائية عالية الكالسيوم والغنية بفيتامين «د»، والمشي لمدة 30 دقيقة على الأقل ثلاث مرات أسبوعياً، وممارسة التمارين الهوائية البسيطة، والإقلاع عن التدخين وتناول الكحول، كونهم أحد عوامل الخطورة في الإصابة بترقق العظام.

ويضيف: تشمل المعالجة الدوائية لمرض ترقق العظام تناول العقاقير التي تحد من التآكل مثل البيسفوسفونات وهرمون الكالسيتونين، والأدوية التي تبنى العظم كمعيضات هرمون الإستروجين، مع استعمال المتممات الغذائية التي تحتوي على الكالسيوم وفيتامين «د»، أما علاج كسور الفقرات عنق الفخذ المعصم فيكون عن طريق التدخل الجراحي في أغلب الحالات.

هرمون أوستيوكالسين

يُنتج هرمون «أوستيوكالسين» في خلايا بناء العظام، ويوجد أيضاً في الأسنان، وله العديد من الوظائف الحيوية في الجسم، كتنظيم عملية الأيض وتعزيز استخدام الطاقة في الخلايا العضلية، وتحفيز خلايا بيتا بالبنكرياس لإفراز الإنسولين، بالإضافة إلى دوره في تمعدن العظام، وتوازن أيونات الصوديوم، وتشير الدراسات إلى أن الحفاظ على مستويات هذا الهرمون مع تقدم العمر بشكل طبيعي في الدم، يتم من خلال ممارسة الرياضة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"