عادي

منجم تاريخي للملح مركز نقاهة للمتعافين من «كوفيد-19»

16:37 مساء
قراءة 3 دقائق
منجم ملح
داخل منجم قديم للملح في جنوب بولندا يعود للقرن الثالث عشر على عمق 130 متراً تحت الأرض، يقوم بولنديون بتمارين لياقة بدنية وسط أجواء حماسية «ساحرة» للمساعدة على التخلص من الأعراض المستمرة لديهم بعد شفائهم من كوفيد-19.
وتقول يادفيغا نوفاك لوكالة فرانس برس «عندما أتيت إلى هنا، سُحرت بهذا المكان»، فيما ينشغل زملاؤها في الحصة التدريبية بتمارين رياضية مختلفة.
وتوضح هذه المرأة البالغة 60 عاماً والتي وُضعت تحت جهاز للتنفس الاصطناعي في المستشفى مدة 16 يوماً في تشرين الأول/أكتوبر 2020 «شعرت بهذا الجو والهدوء والصمت والهواء المختلف تماماً عما هو عليه في السطح. ثمة سحر في هذا المكان».
ويصنَّف منجم فياليتشكا من أقدم مناجم الملح في العالم، وهو مدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وعلى مر القرون، حوّل عمال المنجم المكان إلى تحفة فنية فريدة، مع حفر دهاليز من الأنفاق المؤدية إلى الغرف وصنع شمعدانات من الملح لإنارة الموقع.
ويشكل المنجم معلماً سياحياً، لكنه أيضاً منتجع صحي لمعالجة المرضى المصابين بمشكلات رئوية منذ حوالى مئتي عام.
وبات المكان يستقبل مرضى كوفيد-19 الذين ترسلهم المؤسسات الصحية العامة لتمضية فترات نقاهة تمتد لثلاثة أسابيع، إضافة إلى زبائن من جهات خاصة.
50 عارضاً نفسياً وجسدياً
ينزل المرضى إلى البئر السابقة في المنجم عبر مصعد ضمن مجموعات من عشرة أو خمسة عشر شخصاً ويمشون على طول أنفاق الملح متّبعين مسارات كانت تسلكها القطارات في الموقع.
وفور دخول غرفة بحيرة فيسيل البالغ ارتفاعها 15 متراً والمجهزة بشرفات خشبية، يخضع المشاركون تحت إشراف طبيب إلى فحوص تنفس وتحمية.
وتقول أخصائية العلاج الفيزيائي أغاتا كيتا «كقاعدة عامة، يعاني مرضى كوفيد أعراضاً أخطر بكثير من المصابين بالربو العادي. غير أن المصابين سابقاً بكوفيد يمكنهم استعادة صحتهم الطبيعية. في المعدل، ثمة تحسن بنسبة تراوح بين 60% و80% في فحوصهم الجسدية».
ويعتبر العلماء أن ما بين 10% و15% من المرضى السابقين يعانون أعراض «كوفيد طويل الأمد»، بما يشمل التعب وتراجع التركيز وأوجاع الجسم ومشكلات تنفسية.
وتصدرت بولندا برامج إعادة التأهيل والبحوث بشأن «كوفيد الطويل الأمد»، من خلال إطلاقها أولى المؤسسات المخصصة للمرضى في مرحلة ما بعد التعافي من كوفيد في أيلول/ سبتمبر.
وفي مستشفى غلوخولازي على الحدود مع الجمهورية التشيكية، تقدم إحدى أولى المؤسسات من هذا النوع للمرضى خدمات للعلاج النفسي وألعاباً بالواقع الافتراضي.
وحدد أطباء أكثر من 50 عارضاً جسدياً ونفسياً مستمراً لدى الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد.
ويوضح يان شتشيغييلنياك من مستشفى غلوخولازي لوكالة فرانس برس «إضافة إلى الأعراض الرئوية، ثمة أيضاً آلام في العضلات والمفاصل واختلالات في التوازن والتنسيق وفقدان للذاكرة والتركيز وأعراض متصلة بالضغط النفسي والاكتئاب».
هواء نقي
في فياليتشكا، تصدح في القاعة الكبيرة الشهقات الصادرة عن ممارسة تمارين التنفس، داخل موقع محفور في الصخر أشبه بمسرح سريالي.
وفي إحدى الزوايا، يختبر بعض المرضى قدراتهم التنفسية من طريق صنع فقاعات صابون أو القيام بحركات رياضية معينة وسط أجواء ودية تعلو فيها أحياناً الضحكات خلال تمارين أشبه بألعاب مسلية.
وتكتسي العلاجات بالملح شعبية كبيرة في أوروبا الوسطى والشرقية، رغم انقسام العلماء حيال مزاياها واعتبار بعضهم أن منافعها المزعومة وهمية.
وتؤكد ماغدالينا راماتوفسكا وهي طبيبة في فياليتشكا أن فترة النقاهة داخل منجم الملح لها انعكاسات إيجابية خصوصاً بفضل الهواء النقي في المكان من دون أي مسببات للحساسية، في بيئة ممتازة للمجاري التنفسية.
وتقول «الرطوبة هنا مرتفعة وثمة القليل من التيارات والكثير من الهواء المالح الذي يتصدى للالتهابات والجراثيم».
وتبدي لوتشينا شولك (59 عاماً) التي أمضت عشرين يوماً تحت جهاز تنفس اصطناعي، أيضاً قناعة بإيجابية النقاهة في هذا المنجم.
وتقول «عندما خرجت من المستشفى، تنفسي كان ضعيفاً جداً. الآن، أشعر بتحسن. أشعر بوضع جسدي أفضل». (أ.ف.ب)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"