عادي
أسر تتفرغ لحل أسئلة الأبناء.. ومجموعات لنشر الإجابات

الامتحانات عن بعد تستحدث أساليب غش جديدة

02:07 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: منى البدوي

دثر «التعلم عن بعد» جميع وسائل الغش التقليدية التي كان يستخدمها الطلاب خلال الامتحانات في الفصول الدراسية قبل الجائحة التي فرضت أساليب تعلم جديدة تعتمد على التكنولوجيا بالدرجة الأولى، حيث اختفت «البراشيم» والسماعات الصغيرة التي كان يدسها الغشاشون في آذانهم وغيرها من الأساليب التي بحسب ما يسميها بعض الطلبة ب «القديمة» والتي باتت عديمة الفائدة في ظل التكنولوجيا المستخدمة في العملية التعليمية.

يواصل الغشاشون عمليات البحث عن أساليب غش حديثة تواكب التطور التكنولوجي الذي بات صفة سائدة في الحياة بشكل عام بما فيها العملية التعليمية، وتشهد أساليب الغش تطوراً بشكل مستمر يستطيعون من خلالها التحايل على بعض الشروط الامتحانية في بعض المدارس التي تفرض استخدام الكاميرا الأمامية لضمان عدم التفات الطالب يمنة ويسرة خلال حل أسئلة الامتحانات، أو عدم وجود أي شخص بجانب الطالب لمساعدته سواء ولي أمر أو معلم.

والمؤسف في الأمر أن أساليب الغش المتطورة يتم تطبيقها على مسمع ومرأى وأحياناً بمساعدة أولياء الأمور غير الواعين بمخاطر وعواقب ما يقومون به، حيث يعتقد هؤلاء أنهم يقومون بمساعدة أبنائهم في حصد الدرجات، إلا أنهم في حقيقة الأمر يقومون بتحطيم شخصية أبنائهم الذين وجدوا في الأبوين الذين من المفترض أنهم قدوة حسنة، شخصيات تقبل الغش وتساعد عليه وهو ما ينعكس مستقبلاً على شخصية الطالب النفسية والعلمية والاجتماعية والمهنية.

طرق سهلة

كشف عدد من الطلبة عن أساليب الغش الحديثة التي يعتمدون عليها، والتي من خلالها يقومون بالتحايل على الأدوات المستخدمة لاكتشافهم، حيث قالت الطالبة ( م. أ ) في الصف الحادي عشر، لم يعد للبراشيم المكتوبة بخط صغير جداً أهمية أو فائدة، حيث بتنا نبحث عن طرق أقل تعقيداً وأكثر سهولة وهو ما يسرته التكنولوجيا الحديثة التي تتيح لنا ابتكار أساليب يصعب اكتشافها من قبل المراقبين، فبعد أن باتت الشروط الامتحانية تتطلب فتح الكاميرات وتسليطها على وجه الطالب مباشرة، أقوم بتوصيل الحاسوب بشاشة التلفاز الذي أمامي مباشرة ويتولى فرد غالباً ما يكون مدرساً متخصصاً بالمادة يجلس أمام التلفزيون لحل الأسئلة صوتياً وأقوم بكتابتها دون الالتفات.

وذكر ( ع. م ) طالب بالصف العاشر في إحدى المدارس الخاصة: «قبل الجائحة وخلال انتظامنا في الدراسة بالفصول المدرسية كنت أتجنب استخدام البراشيم أو أي من وسائل الغش التقليدية، وذلك بسبب وجود أكثر من مراقب بالفصل وما يمكن أن يترتب عليه من اكتشاف عملية الغش، وبعد التحول إلى نظام التعلم عن بعد، بات الأمر سهلاً جداً وصعب اكتشافه خاصة أنني منضم إلى عدد من المجموعات التي تتيح برامج وسائل التواصل الحديثة إنشاؤها والتخاطب فيها ونتبادل من خلالها حل أجوبة الامتحانات».

مساعدة الأهالي

واستحدث الطالب ( ع. س) أسلوباً آخر في الغش إلا أنه يصعب تنفيذه في الامتحانات النهائية التي يتم تحديدها من قبل وزارة التربية والتعليم، وذلك بسبب الحماية المفروضة على الموقع وأيضاً عدم تمكن الطالب من استخدام أو فتح أي موقع سوى الصفحة الامتحانية الإلكترونية مشيراً إلى أنه يقوم خلال الاختبارات جميعها باستثناء النهائي بتهكير جهاز أحد الطلبة المتفوقين ليتسنى له نقل إجابات الأسئلة.

وقالت ( ج. ع ) طالبة بالصف التاسع: «لا تشترط المدرسة فتح الكاميرا الأمامية في جهاز الحاسوب، لذلك تجلس والدتي بجانبي لتتولى مساعدتي في حل الأسئلة»، مشيرة إلى حرص والدتها الموظفة على التقدم بطلب إجازة قبيل الامتحانات لتتفرغ لمساعدتها وإشقاؤها في حل أسئلة الاختبارات، وإذا لزم الأمر تستعين بإحدى صديقاتها المتخصصات في مجالات مختلفة.

وقال ( خ. ص) طالب بالصف الحادي عشر: «أستعين بعدد من المدرسين الخصوصيين المتخصصين في المواد العلمية، حيث يقوم والدي بالتفاوض معهم على السعر والذي يتفاوت ما بين ألف إلى 3 الآف درهم للمادة الواحدة بحسب صعوبتها، ويقوم المدرس بالحضور إلى المنزل أو من خلال الهاتف المتحرك الذي يتيح لي تصوير السؤال أو لفظه صوتياً للمعلم والذي بدوره يقوم بحل الأسئلة وإرسالها لي»، مشيراً إلى أنه يقوم بإرسال الحلول إلى جميع الطلبة الذين شاركوا في دفع المبلغ للمعلم.

الضابط الأساسي

وقالت موزة النعيمي معلمة، ندرك أن الضابط الأساسي للغش خلال عملية التعلم عن بعد، هم الأهل ويقع على عاتقهم القيام بدور المراقب لسلوك أبنائهم خلال أداء الامتحان وهو ما يمكن أن نجده في الأسر الواعية والمدركة للآثار السلبية الناجمة عن اعتياد أبنائهم على الغش بمختلف أساليبه.

وأضافت، ندرك من خلال إجابات بعض الطلبة بأن الإجابة منقولة أو ملقّنة حيث إن المعلم يستطيع أن يحدد مستوى الطالب ويتعرف إلى مهاراته وقدراته وإن كان خلال عملية التعلم عن بعد، مشيرة إلى أنه في ظل التطور التكنولوجي والذي يتفوق فيه أحياناً الطالب على المعلم يصبح من الصعب إثبات حالة الغش وإن كانت الكاميرات الأمامية في الحواسيب مفتوحة.

وأضافت، من الصعب إثبات حالات الغش خلال الامتحانات وإن كانت الكاميرات الأمامية مفتوحة وموجهة على الطالب؛ فإن غياب الصوت يسهل على من يتواجد مع الطالب تلقينه الإجابات خاصة أنه من الصعب إلزام الطلبة بفتح مكبرات الصوت، وذلك لما قد تتسبب به من إزعاج لبقية الطلبة بسبب الأصوات التي قد تصدر عنها أو في حالة أداء الطالب للامتحان في غرفة يتواجد فيها عدد من أفراد أسرته.

الحد من الغش

أكد محمد شقرة مرشد أكاديمي بمدرسة أم غافة بمدينة العين، أن قلة قليلة من الطلبة يقومون باستخدام أساليب الغش، خاصة في ظل الاشتراطات الحديثة المحددة من قبل وزارة التربية والتعليم والتي تحدّ من حالات الغش وتسهل عملية اكتشاف الطلبة الغشاشين مشيراً إلى أن الحماية الإلكترونية من خلال برامج يتم تنزيلها ليتمكن الطالب من فتح ورقة الامتحان والتي بدورها تمنع الطالب من أي استخدام آخر للحاسوب.

وأضاف أن الأساليب الجديدة في طرح الأسئلة والتي من خلالها يتم تحديد مدة زمنية محدودة للإجابة عليها ولا تسمح للطالب بالعودة لها بعد إتمام الإجابة، بالإضافة إلى الكاميرات الأمامية للحاسب الآلي والتي يشترط البقاء عليها مفتوحة خلال الامتحان وغيرها من الأساليب المبتكرة والمتطورة التي تواكب أساليب التعلم الحديث وأيضاً التطور التكنولوجي وتسهم في الحد من ظاهرة غش الطالب خلال أداء الامتحانات وهو ما يجعل الطالب أمام خيار وحيد وهو المذاكرة والاستعداد الجيد للاختبارات للحصول على درجات مرتفعة.

وأضاف أن الطالب الذي يعتمد على الغش العلني يصاب بضمور في المهارات العقلية والفكرية، حيث إنه يجلس أمام الحاسب الآلي في مواجهة أسئلة لم يتكبد عناء التفكير في حالها وهو ما يجعله مع مرور الوقت يعتاد على الأمر ليس فقط في حل أسئلة الاختبار؛ وإنما في جميع العقبات أو المشاكل التي قد تواجهه خلال حياته.

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"