ليست وراثة بل تربية

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

تعتبر القيم الحياتية عاملاً مهماً في مسيرة كل إنسان، فهذه القيم تساعد على تخطّي كثير من الصعاب، فضلاً عن أنها تمنح مجالاً لرؤية مختلف العقبات والطريقة المثلى لتجاوز الصعوبات والكيفية الصحيحة في التعامل مع الناس على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم.
القيم حزمة من المبادئ الخلاقة التي إن تحلّى بها الفرد نجح وأبدع وتفوق. من هذه القيم الأخلاق، وعندما تكون صفة دائمة وملاصقة للفرد، فإنه دون شك سيسعد في حياته، بل لو عرف بها فإنه سيكون مضرب مثل وشاهداً على جمال الروح، وهي درجات.
 هناك الذين عرف عنهم الطيبة والتسامح ودماثة الخلق، وهناك من نهجه ولسانه العمل الصحيح والتعامل الواضح الصريح مع الآخرين، فلا يغلّب مصلحته الشخصية أو مصلحة المقربين منه على حقوق الآخرين وحاجاتهم، لديه ميزان يقف على هرم الضمير لديه، ينبه ويوقظ القلب في كل مرة يحدث فيها انزياح أو ميل. هناك من عرف عنهم الجدية والإخلاص في القول والعمل، وهؤلاء هاجسهم إتمام المهام على أكمل وجه، قد يأتي من يقول بأنهم معقدون، أو أنهم شديدون في عملهم، لكن الحقيقة أنهم يمنحون كل شيء حقه دون نقص.
 هناك من يتمتع بمكارم الأخلاق وقيم عالية جداً، تتجاوز حقوق الآخرين وحاجاتهم، إلى العودة لدواخلهم والمحاسبة والتشديد عليها، وهناك من يصل لمرحلة بعيدة من المثالية التي قد لا يصلها كثير من الناس، مثل تلك التي تحدث عنها بهاء الدين أبو الفتح محمد بن أحمد بن منصور الأبشيهي، مؤلف الكتاب التراثي الشهير «المستطرف في كل فن مستظرف»، وهو كتاب اهتم بالأدب والأخبار. لهذا الأديب كلمة جاء فيها:«من تمام المروءة أن تنسى الحق لك وتذكر الحق عليك، وتستكبر الإساءة منك وتستصغرها من غيرك». 
وأعتقد أن مثل هذه الصفة الأخلاقية عظيمة جداً، ولا يمكن للجميع بلوغها، لكنني أجزم أن من يقف على هرمها إنسان سعيد، ومرتاح الضمير والعقل، فضلاً عن تميّزه محبة عامة وجارفة للناس، لأنه لا يؤذي ولا يتوقع منه إلا كل خير.
في هذا السياق أتوجه لكل أمّ وأب، ومربٍ ومعلم، بالسعي لغرس القيم الأخلاقية، في قلوب أطفالنا، لتكون جزءاً لا يتجزأ من تعاملهم، ينمون ويكبرون عليها، الأخلاق ليست وراثة وليست جينات تنتقل من الآباء والأجداد، بل هي غرس وعمل وتربية.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"