في عام 1957 نجح ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي الذي انهار في عام 1991، في تحقيق منجزات كبيرة في مجال علوم الفضاء، وتم في ذلك العام تحديداً إطلاق أول قمر صناعي إلى الفضاء. ونظراً للحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، آنذاك، فقد كان مثل هذا الاختراق العملي للفضاء مدويّاً في أمريكا، ووقعه قاسياً على القادة الأمريكيين، وكثير من أفراد الشعب الأمريكي، بل لقي صدى أيضاً في دول أخرى، الأوروبية منها، ما جعل أمريكا تدق ناقوس الخطر، وتقوم بمراجعة للكثير من سياساتها، خاصة التعليمية.
وتبعاً لهذه المراجعة تم تغيير الكثير من المناهج التعليمية وتطويرها، بل جعلها أكثر صعوبة وعلمية، وشملت هذه المراجعة تعليم الأطفال، حيث لم يتم استثناء هذا الحقل التعليمي، بل تمت العناية به. وتبعاً لهذا قام العلماء في مجالات التربية والتعليم وعلم النفس، بعمل دراسات وبحوث وخرجوا بنتائج وفرضيات عدة، من تلك النتائج أنه من الأهمية أن يبدأ تعليم الأطفال في سن مبكرة من حياتهم، ومنذ ذلك الحين والدراسات تقدم نظريات متباينة ومختلفة في السن الأنسب والأفضل لتعليم الأطفال.
ومع أن تلك الدراسات والبحوث في ذلك الزمن قد تكون نتائجها جاءت مدفوعة بتلك الحرب الباردة، أو أنها لم تكن شاملة ودقيقة نظراً للصعوبات في الاتصال والتواصل، أو محدودية شريحة الدراسات المعنية، ما يؤثر في نهاية المطاف في صحتها العلمية المطلقة أو مدى دقتها، فإننا في هذا العصر نستند إلى الكثير من التطور العلمي، فنحن نعيش حقبة الذكاء الاصطناعي، ومعها من المؤكد أن قوة المعرفة والقدرة على عمل دراسات وبحوث ستكون دقيقة وأكثر شمولية.
الذي أشير إليه أهمية دراسة واقع الطفل اليوم وفي هذا العصر تحديداً، لأن طفل عصر التقنيات وثورة الاتصالات يختلف تماماً عن طفل الخمسينات والستينات من القرن الماضي، والدراسات والبحوث التي عملت ونشرت في ذلك الزمن، لعلها الآن غير مناسبة، أو لا تفي بالمتطلبات العلمية الحديثة، بل إنني أعتقد أن ذهن وعقل طفل اليوم مختلفان، خاصة ونحن نراه وهو مغمور في الضغط على أزرار الجهاز اللوحي بين يديه، وقبل التحاقه بالمدرسة، ما يؤشر إلى أن هناك تطوراً ما، حدث، ومن واجبنا التنبه له، وفهمه، ووضعه في السياق الطبيعي للتطور البشري، ومعه من الأهمية تطوير القوانين والنظم التي تستهدف الأطفال وتعليمهم.